قليل من الكتاب والأدباء من يمارس النقد المفيد والمعطاء الذي يرفع من درجة الرقي بالذائقة الأدبية، ويصحح مسار الشاعر وذلك من خلاله تطوّر ورقي موهبته الشعرية، كما يدفعه نحو الإبداع والتميز، والمسار الصحيح المؤدي إلى طريق الشّعر.. ففي الوقت الحاضر لم تتح الفرصة الكافية للنقاد الصادقين للمشاركة وعلى وجه الخصوص المشاركة في القنوات الشعرية، وحضور مجالس الشّعر التي يتواجد فيها الشعراء. ولعل من أبرز أسباب غياب الناقد في وقتنا الحالي صعوبة هذا العمل الذي لا يتقنه سوى المتمكنين الذين يمتلكون ثقافة الحرف، وأمانة القلم، والإحساس الرفيع، والفكر السليم، والنطق الجميل، وهذا مما أفقد أصحاب المواهب من الشعراء مكانتهم، وفي نفس الوقت استقطب المستشعرين الذين أفسدوا الذائقة الأدبية وذلك بعدم احترام الناقد وعدم قبوله. والنقد الحقيقي عندما يمارسه المجيدون للشّعر، ويصبح له حضور مميز في الساحة الشعبية، ويستسيغه الشاعر جيداً خصوصاً إذا كانت قصيدته تدعو إلى الدراسة والنقد، سيحظى بالكثير من المعرفة، واللمسات الفنية لقصيدته، مما يجعلها حديث الناس، وتحفظ في قلوب الرواة، وتبقى عبر الأجيال. ومن فوائد النقد إظهار الجمال في القصيدة مما يوصلنا إلى طريق الشّعر الحقيقي ونعرف أبعاده، والمتعة بروعة حرفه، ومعطيات الشعراء.. فأغلب النقاد دائماً تشدهم القصائد الجزلة المنسوجة بكلمات الفكر الأصيل، والمعنى الفريد لا كما يتصوّر البعض أن النقد هو البحث عن الأخطأ وصيد العثرات.. بل هو يسد طريق الهفوات، ويدلنا إلى طريق الشّعر الجميل. ختاماً.. إنني وإن كنت ممن يتعرضون للنقد في مجال العمل الصحافي فإن من أخلاق المهنة تقبل كل وجهات النظر مهما كانت، ولاشك أن من طبائع النفوس البشرية كره النقد بينما هو في واقع الأمر إذا أحسن الناقد الحقيقي فإنه يدله على جوانب القوة في الفكر، ويبعده عن مواطن الضعف. قبل النهاية للشاعر غازي مهنا الشيباني: راعي القلم يفنى .. ويبقن الأقلام والحب عقب القرب تمحيه الأبعاد كم واحدٍ عن مصدر الرزق نوّام قليل ميز .. ولايسمع بالارشاد وإليا نصحته جيت من عرض الأخصام ما قال هذا لي نصوحٍ .. ونقّاد