كم هي جميلة على العين او الاذن عندما ترى او تسمع خبرا عن سعودية او سعودي قدم انجازا على أي صعيد. وفي المقابل كم من الضيق والأسى عندما تركز بعض وسائل الاعلام على كل ما هو سلبي وتلصقه تحت عبارة "يحدث في السعودية". نجد ان السلبي يحظى بالمتابعة بسبب طبيعة البشر الفضولية واستثمارها اعلاميا، ولذا تحرص وسائل الاعلام ذات الهدف الوطني والايجابي تعزيز الصورة الاولى في انجاز ابناء وطني. يكفي ان ترى الأكتاف وهي تحمل شعارات الوطن عند مشاركة كروية وتكاد تغيب عند مشاركة علمية او ابداعية انسانية. لقد اثلج صدري قيام عدد من الشابات السعوديات من جدة بتطوير الكتب السمعية للمكفوفين والمسنين على حد ما ورد في الخبر. كن خمس عشرة شابة وتقلص عددهن الى تسع متمنيا عودة زميلاتهن الست في مشروع تطوعي خيري فهن بحاجة الى زميلاتهن واكثر. بل ان المشروع يحتاج الى دعم مالي واعلامي وثقافي وتشجيع لبناتنا على هذا المشروع ودعوات ان يجعله الله في ميزان حسناتهن. قد يظن البعض ان الفكرة تقليدية وليست من مستجدات الواقع الرقمي وان الكتاب المسموع منذ زمن اشرطة "الريل" و"الكاسيت"، ولكن الجديد والمهم هو ان المشروع تطوعي خيري وبأيدي بناتنا. فالكتاب المسموع في اعتقادي كاد ان يختفي من المكتبات. وكنت ابحث شخصيا عن الكتب المسموعة لاقتنائها في السيارة ولقضاء وقت ممتع مع كتاب مسموع تجنبا لضجر ازدحام الشوارع والوقت المهدر فيها. اتمنى ممن يؤمن بمثل هذا المشروع ان يراجع ما تقدمه اكبر المكتبات التجارية او توفره المكتبات العامة من الكتب المسموعة ليعرف حجم الشح الذي يعاني منه سوقنا المعرفي. واذا كنا نؤمن ان خير جليس هو كتاب مفيد فلندعم فكرة المشروع وتتوسع دائرته على كافة مناطق المملكة بحيث يصبح لدينا رقم سنوي من الكتب المسموعة. وان تساهم وزارة الثقافة والاعلام بدعم هذه المجموعة من الشابات السعوديات لتحويل الكتب الفائزة بجوائز معرض الكتاب الى مشاريع مسموعة. بل ان مكتبات الاحياء اصبحت تستقطب الكثير من القراء والمتابعين وسأكتب عن بعض هذه التجارب في الاحياء لأكثر من دعوة تلقيتها لمشاركة القراء بالتجارب الوطنية. وبالعودة الى الكتب المسموعة اتمنى من الاذاعات ان تتيح الفرصة للمتطوعات باستخدام الاستوديوهات او تبني نماذج من الكتب وتحويلها الى مسموعة. وان تساهم الصحف المحلية بنظام التصويت على مشاريع الكتب المراد تحويلها الى مسموعة. والتصويت ربما يكون اجدى عندما تتولاه الصفحات الثقافية، واكاد ان اجزم ان صحيفة "الرياض" ستكون سباقة الى المشاركة في تحديد الكتب الجديرة بالدخول الى مكتباتنا الصوتية. وسينتشر الكتاب المسموع بفضل تقنية سماعات "البلوتوث" وغيرها التي اصبحت ملازمة لأعناق كثير من المثقفين وجيل الاعلام الرقمي. الكتاب المسموع يضيف الكثير من المتعة ان تم انتاجه بتقنيات وجماليات العمل الاذاعي. وقد يكون اجمل عندما تتعدد اصوات الاداء خاصة في الاعمال القصصية والروائية. فالهدف دوما مزدوج من المعرفة والترفيه. ويضاف الى هذا المشروع تبنية التطبيقات الحديثة على الاجهزة الذكية. والبحث عن التجارب في القراءة والمشاركة في مثل تجارب " المقرأة الاليكترونية"، فالاجمل اصرار بنات المشروع على استمراره تطوعيا وليس تجاريا بهدف ايصال الكتاب والمعرفة للجميع، ويهمنا هنا ايصال الكتاب السعودي للجميع. فسر الكتابة في نظرهن هو أن تؤلف كتابا، ان يقتنيه غريب في مدينة غريبة، او أن يقرأه ليلا، أو ان يختلج صدره سطر من السطور التي تشبه حياته. مشاعر تتدفق بالمعرفة والترفيه لنشر ثقافتنا سمعيا بيننا اولا ولعالمنا العربي. ينفحنا شهر رمضان دوما بنفحات خير وبركة ولعل هذه النفحة توظف لنشر ثقافة حب الوطن والمحافظة على مكتسباته من خلال القصص والتجارب الثقافية المسموعة على هواتفنا الذكية التي لم نعد نمتلك حائط صد لما يصلها من الأفكار الغبية.