قدم الأستاذ محمد المسباح مختارات من الأعمال الغنائية التي تعد أرشيف الكويت الغنائي في القرن العشرين في سهرة سجلت لصالح "صوت الخليج"، وإعادة تسجيل هذه الأعمال تعد حدثاً بقدر ما أنها تعبر عن مسيرة تمكن من ترسيخها المسباح بكل جدارة. هنا قراءة لها في حلقة خامسة. وقد كشفت تلك المحاولات لقراءته أو مزاولته عن انشقاق مسارين: الأول فن الصوت النخبوي، وهو الذي كشف عن محاولات لإعادة تأهيله بحسب التطورات التقنية لكل عصر (ومنها ما كان من نماذج قدمها كل من عبداللطيف الكويتي (1904-1975)، وعبدالله فضالة (1900-1967)، ثم سعود الراشد، والآن محمد المسباح) أو تفكيك وتوليف عناصره ضمن قالب الأغنية لا فن الصوت وقد انطلقت هذه التجارب منذ أول أعمال الملحن أحمد الزنجباري "السحر في سود العيون" (1956) بصوت سعود الراشد ثم "ألا يا صبا نجد" بصوت عوض دوخي ومائدة نزهت، و"سلوا الكاعب الحسناء" بصوت بديعة صادق، وتبعه كل من أحمد باقر مع صوتي شادي الخليج "كفي الملام" (1961) وعلية "يا دمعتي" (1969)، وعالية حسين في "الحمد لك "(1978) ويوسف دوخي مع صوت شقيقه عوض دوخي في أعمال عدة "يا من هواه، قل للمليحة، طال الصدود.."، ومن ثم غنام الديكان مع شادي الخليج "يا سدرة العشاق" (1976) وفي أوبريت "مذكرات بحار" (1979)، وأوبريت "صدى التاريخ" (1986)، و"هذا احنا" (1993) لطلال مداح، ولاحقاً خالد الشيخ في أغانيه: "جروح قلبي وتر" (1985)، "ولا تنسيا" (1988)، و"انت قلبه" من "ملفى الأجاويد" (1996)، و"لنك تمر بالليل" (2004)، وو"يارا والشعرات البيض" (2005)، ومحمد باقر في لحنه "حالم" (1990) بصوت المغني فوزي الشاعر. الثاني فن الصوت الشعبي، وهي الصيغة الميسرة منه، فلا يعنى بالنطق السليم أو شعبنة الملفوظ، والاستمرار في آداءات صوتية هي تكرار لما يدرج في مفهوم التواتر الشفوي، والاعتماد على اعتبار الآداء بصورة تشاركية جماعية، وهي مستمرة منذ تسجيلات المغني يوسف البكر (1875-1955)، وضاحي بن وليد (1898-1941) ومحمد زويد (1900-1982)، ومن بعده سعود العروج (1911-1980)، والملا سعود المخايطة (1900-1971)، وعوض دوخي وحمد خليفة وصولاً إلى عبدالله الرويشد وسلمان العماري..