بعد خروج أسبانيا صفر اليدين من رحلة الدفاع عن لقبه العالمي، أصبح المونديال الحالي هو نقطة التحول لهذا الفريق حيث يحتاج إلى إعادة البناء بعد انتهاء العصر الذهبي الذي استمر على مدار السنوات الست الماضية. وعلى مدار السنوات الست الماضية، بدأ المنتخب الأسباني وكأنه الفريق الذي لا يقهر ولكن يبدو أن هذا أصبح مجرد ذكرى. وكانت هزيمة الفريق قبل عام واحد فقط أمام نظيره البرازيلي صفر-3 في نهائي بطولة كأس القارات على استاد "ماراكانا" في مدينة ريو دي جانيرو مؤشرا على بداية سقوط هذا الفريق الذي توج في السنوات الماضية بلقب كأس الأمم الأوروبية في نسختيها الماضيتين (يورو 2008 و2012) وبلقب كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا. وعاد المنتخب الأسباني الأربعاء إلى استاد ماراكانا ولكنه واجه مجددا تشجيعا هائلا لمنافسه حيث اصطدم بتشجيع عشرات الآلاف من أنصار المنتخب التشيلي لفريقهم من المدرجات دون أي لحظة صمت على مدار المباراة. ولكن المشكلة الأكبر أن المنتخب الأسباني أصبح شبحا لما كان عليه في السنوات الماضية التي توج فيها باللقبين العالمي والأوروبي. وربما يحتفل البعض بهذا السقوط لأن أسلوب "تيكي تاكا" الذي يعتمد على التمريرات القصيرة المتقنة والاستحواذ الهائل على الكرة والذي كان أسلوب المنتخب الأسباني وبرشلونة الأسباني في السنوات الماضية لم يكن مفضلا لدى الكثير من المنافسين للفريقين. ولكن الحقيقة أن أسلوب التيكي تاكا لم يكن حاضرا على الإطلاق في مباراة الفريق أمس الأول حيث جلس تشافي هيرنانديز صانع ألعاب برشلونة والمنتخب الأسباني ومايسترو التيكي تاكا على مقاعد البدلاء في مباراة تشيلي رغم أنه الأفضل من ناحية التمريرات المتقنة في وسط الملعب كما أنه الرمز الأفضل لفلسلفة التيكي تاكا سواء في برشلونة أو المنتخب الأسباني. ويبدو أن جلوس تشافي على مقاعد البدلاء في لقاء تشيلي كان ضمن رد فعل المدرب فيسنتي دل بوسكي المدير الفني للمنتخب الأسباني على الهزيمة الثقيلة 1-5 التي مني بها الفريق أمام هولندا في المباراة الأولى. ومع بلوغه الرابعة والثلاثين من عمره، يبدو أن مسيرة تشافي الدولية انتهت بالفعل كما انتهت من قبل مسيرة المدافع كارلوس بويول وقد يلحق بهما لاعبون آخرون مثل حارس المرمى إيكر كاسياس ولاعب الوسط تشابي ألونسو والمدافع جيرارد بيكيه والمهاجم فيرناندو توريس. كما قال المهاجم ديفيد فيا قبل البطولة إنه سيعتزل اللعب الدولي بنهاية مشاركة المنتخب الأسباني في المونديال الحالي. ولهذا، يبدو المونديال الحالي كنهاية دورة المنتخب الأسباني بهذا الجيل الذهبي. وفي مونديال 2010، خسر المنتخب الأسباني مباراته الأولى في البطولة أيضا حيث سقط أمام نظيره السويسري ولكنه استعاد اتزانه سريعا ورد بقوة حتى أحرز لقب المونديال. ولكنه لم يكرر هذا في المونديال الحالي حيث فشل في استعادة اتزانه والرد بقوة بعد الهزيمة 1-5 أمام نظيره الهولندي وخسر المباراة الثانية على التوالي بالسقوط أمام تشيلي صفر-2. وما بين الهزيمة أمام سويسرا في 2010 والهزيمة أمام هولندا يوم الجمعة الماضي، خاض المنتخب الهولندي 12 مباراة في نهائيات مونديال 2010 ويورو 2012 ولم يخسر أي منها واستقبلت شباكه هدفين فقط في هذه المباريات ال12. ولكن شباك الفريق استقبلت في مباراتين فقط بالبطولة الحالية سبعة أهداف وهو ما يزيد بهدف على الأهداف التي اهتزت بها شباك الفريق في 19 مباراة خاضها في نهائيات بطولات يورو 2008 و2012 ومونديال 2010 بل إن الهدف الوحيد الذي سجله المنتخب الأسباني في المونديال الحالي جاء عبر ضربة جزاء. وارتكب المنتخب الأسباني العديد من الأخطاء في خط الدفاع حيث غاب جيرارد بيكيه عن دفاع الفريق في مواجهة هجوم تشيلي القوي وحل مكانه خافي مارتينيز الذي يلعب في خط الوسط. كما غاب سيسك فابريجاس عن صفوف الفريق في البطولة الحالية حيث شارك لدقائق قليلة كلاعب بديل في مباراة هولندا علما بأنه لعب دورا بارزا في البطولات السابقة حيث كان المهاجم غير الصريح الذي اعتمد عليه دل بوسكي كثيرا. ولم يطبق دل بوسكي طريقة اللعب التي تعتمد على عدم وجود مهاجم صريح في مباراتي الفريق بالبطولة الحالية رغم أنها كانت الخطة التي أحرز بها الفريق لقب يورو 2012. وفي مباراتي هولنداوتشيلي، فضل دل بوسكي الدفع بالمهاجم دييجو كوستا في الهجوم ولعب ديفيد فيا بجواره في لقاء هولندا وبدرو رودريجيز في لقاء تشيلي، ولكن المباراتين أثبتتا خطأ دل بوسكي حيث لم يقدم كوستا (البرازيلي الأصل) المنتظر منه في هذه البطولة. ويعتقد أنه ليس من المرجح أن يقال دل بوسكي (63 عاما) ولكنه قد يحتاج للتفكير في بناء فريق جديد للمنتخب الأسباني قبل يورو 2016 بفرنسا. ويحتاج دل بوسكي بالتأكيد إلى بعض الوقت لإعادة بناء الفريق بعد هاتين الهزيمتين ولكن هذا سيكون له بالطبع بعض العواقب حسبما يرى دل بوسكي نفسه.