لا يحظى المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة بشعبية لدى معظم جماهير وأنصار منتخب منتخب بلاده كتلك التي يمتلكها ريبري على سبيل المثال، بل إن هنالك شريحة عريضة من الفرنسيين لا يقبلون بوجود بنزيمة أساسياً في تشكيلة المنتخب، وبالرغم من أن بنزيمة كان طوال الأعوام الماضية عرضة لضغوطات إعلامية وجماهيرية فرنسية إلا أن المهاجم ذا الأصول الجزائرية قص تذكرة دخوله إلى قلوب تلك الجماهير قبل انطلاقة المونديال عندما ظهر بمستويات كبيرة سواء مع فريقه ريال مدريد الأسباني أو المنتخب الفرنسي في المباريات الودية، ومع أول مباراة مونديالية له كان بنزيمة في الموعد وسجل هدفين قادا فرنسا للفوز على منتخب هندوراس، وهو ما أكسبه ثقة وتشجيع الجماهير الفرنسية التي باتت تعول عليه الكثير في المباريات المقبلة لاسيما مع غياب لاعب الوسط ريبريري بسبب الإصابة، وأصبح بنزيمة بعد هدفيه تاسع أفضل هداف في تاريخ فرنسا برصيد 23 هدفاً، إذ ربح مدرب فرنسا ديشامب رهانه على اللاعب عندما قال: "جودته لا نقاش فيها، هو يحتاج الدعم والثقة". كريم بنزيمة الذي ولد في ليون الفرنسية عام 1987م لأب وأم جزائريين مارس كرة القدم وعمره لم يتجاوز الثمانية أعوام مع فريق الضاحية الشرقية لليون (برون)، وفي أول مشاركاته أمام أكاديمية ليون جذب أنظار مسؤولي الأخير بتسجيله هدفين في شباكهم جعلته هدفاً لهم، ونجح ليون في خطف بنزيمة إذ وقع له ولعب مع أكاديميته وعمره تسعة أعوام، موهبة بنزيمة التهديفية عجلت بتصعيده لفريق درجة الشباب وقدم هنالك مستويات كبيرة أجبرت مدرب الفريق الرديف على طلب خدماته إذ شارك معه في مباريات عدة. يُدين بنزيمة لمواطنه الفرنسي بول لوجوين الذي منحه فرصة المشاركة مع الفريق الأول الذي كان في ذلك الوقت يضم أسماء مميزة أمثال مايكل اسيان ومالودا وأبيدال، وكانت المشاركة الأولى له بشعار ليون في شهر ديسمبر من عام 2004م ولعب في ذلك ست مباريات وتوج مع ليون بلقب الدوري الفرنسي، وشهد العام ذاته توقيع أول عقد احترافي له مع ليون لمدة ثلاثة أعوام. فرض بنزيمة اسمه على مدرب ليون في ذلك الوقت جيرار اولييه بالرغم من وجود المهاجم البرازيلي فريد، وسجل في ذلك الموسم أول أهدافه في دوري أبطال أوروبا عندما هز شباك روزنبورغ النرويجي، وسجل في ذلك الموسم أربعة أهداف من 16 مباراة لعبها، وتوج مع ليون بلقب الدوري الفرنسي للمرة الثانية له. وفي ثالث مواسمه مع ليون وبالرغم من أن عمره لم يتجاوز ال 18 عاماً وتعرضه لإصابة إلا أن بنزيمة أصبح من ركائز الفريق الأساسية وتمكن من تسجيل تسعة أهداف لليون وساهم مع بداية الموسم بشكل كبير في تتويجه بلقب السوبر الفرنسي على حساب باريس سان جرمان، ويُعتبر موسم 2007-2008م ذهبياً بالنسبة للمهاجم الفرنسي وهو الموسم الذي شهد رحيل مالودا وكارو ووالتورد إذ يُعد الأفضل لبنزيمة بشعار ليون كونه تمكن من تسجيل 31 هدفاً تحت اشراف المدرب الفرنسي بيران أربعة منها في دوري أبطال أوروبا، وكان له دور كبير في تتويج فريقه بثلاثة ألقاب (الدوري والكأس والسوبر)، وفي ذلك العام وبعد مستوياته الكبيرة حظي بنزيمة بإشادات واسعة من مدرب مانشستر يونايتد فيرجسون الذي امتدح بنزيمة كثيراً بعد أن هز شباك المان يو، وهو ما جعل رئيس ليون يتهم المدرب الانجليزي بمفاوضة بنزيمة بطريقة غير مشروعة هاتفياً. إدارة ليون مددت عقد بنزيمة حتى نهاية 2013م وأصبح في ذلك الوقت أغلى لاعب في فرنسا، إلا أنها فضلت بيع عقد اللاعب لمصلحة ريال مدريد الأسباني بعد نهاية موسم 2008-2009م الذي سجل فيه بنزيمة 23 هدفاً، ونال ليون الفرنسي من صفقة انتقال بنزيمة للريال 41 مليون يورو. بنزيمة الذي وصف تشبيهه بالأسطورة الفرنسية زيدان ب"المجاملة" ارتدى لأول مرة بشعار ريال مدريد أمام ديبورتيفو لاكرونيا إلا أنه لم يفلح في التسجيل، لكنه نجح في ذلك أمام خيريز، وقدم بنزيمة مستويات جيدة مع الريال إذ صنع وسجل له أهدافاً عدة، أبرزها زيارته مرمى ميلان الإيطالي في دوري الأبطال، تسعة أهداف هي حصيلة بنزيمة مع الريال في أول موسم له. وفي موسمه الثاني مع الريال أصبح بنزيمة من الأسماء المفضلة للمدرب البرتغالي مورينيو إذ بات يعتمد عليه وأشركه في 48 مباراة نجح خلالها الفرنسي في تسجيل 26 هدفاً، وأكد بنزيمة في ذلك العام أنه سعيد جداً مع الريال وبدأ في التكيف مع الفريق وأصبح يمتلك منزلاً في أسبانيا ويتعلم اللغة حتى يتواصل مع الأسبان بشكل أفضل، وفي موسم 2011-2012م تطور بنزيمة وسجل للريال 32 هدفاً سبعة منها في دوري أبطال أوروبا، وساهم في تتويج ريال مدريد بلقب الدوري الأسباني بالإضافة إلى كأس السوبر الاسباني. في الموسم الماضي صام بنزيمة عن التهديف فترة طويلة وهو ما أثار جماهير الريال عليه وأصبحوا يطلقون عليه صافرات الاستهجان، بيد أنه ادرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه وطور من مستواه وسجل لفريقه عدداً من الأهداف الحاسمة في الدوري ودوري أبطال أوروبا وكانت له مساهمة كبيرة في تتويج فريقه بلقب دوري الأبطال للمرة العاشرة في تاريخه وبلقب كأس أسبانيا، إذ أنهى بنزيمة الموسم مسجلاً 24 هدفاً وهو ما جعل إدارة الريال لا تفكر إطلاقاً في التفريط به وهو القرار المنتظر بعد نهائيات كأس العالم 2014م خصوصاً بعد تصريح مساعد المدرب زيدان الذي قال لوسائل الإعلام: "أود أن يأخذ بنزيمة زمام المبادرة في ريال مدريد لأنه من النوع الذي لا يتحدث كثيراً ولكن قدميه من تتحدث في الملعب، يجب عليه في المستقبل أن ينتقل من مستوى معين ليصبح قائداً للفريق كما هو حاله الآن مع المنتخب، يمكنه ان يرث شارة القيادة في ناديه وآمل أن يلبي هذا التحدي في الموسم المقبل". تذوق بنزيمة طعم الذهب في حياته الرياضية 13 مرة، 12 منها مع فريقي ليون وريال مدريد، وواحدة مع منتخب بلاده للناشئين (كأس أوروبا)، بيد أنه غاب عن منصات الذهب مع المنتخب الفرنسي الأول، لكن ذلك لا يجعلنا ننكر ماقدمه للمنتخب وتسجيله أهدافاً حاسمة ساهمت في تأهله لمونديالي 2010-2014م، بالإضافة إلى مستواه في كأسي أوروبا (2008-2012م)، يقول المهاجم الفرنسي السابق هنري: "ما يميز كريم بنزيمة هو قدرته العالية في اللعب بجميع المراكز، بالإضافة إلا انه يجيد التحكم بالكرة بأناقة وتحركاته في جميع أنحاء الملعب تساعد زملاءه سواء مع ريال مدريد او المنتخب، اعتقد انه مهاجم متنوع ولا يوجد بمواصفاته بالعالم". الفرنسيون بدون شك تغيرت نظرتهم تجاه بنزيمة بعد مستواه في أول مباراة ولو أن الخصم لم يكن بذلك المستوى، لكن المهاجم الهداف كان بحاجة للهدفين اللذين سجلهما ليتحرر على الأقل من الضغوطات الجماهيرية، ويبرز قدراته وإمكانياته التهديفية التي جعلته يفرض نفسه على المدربين الذين تناوبوا على تدريبه منذ بداية حياته الكروية، لذلك فإن الجماهير الفرنسية ترى بأنه وصل للقمة وعليه أن يقاتل في المباريات المقبلة حتى يحافظ عليها ويحقق لمنتخب بلاده إنجازاً ممثلاً في التتويج بكأس العالم.