دشّن الفرنسي كريم بنزيمة عودته إلى صفوفه ريال مدريد الإسباني بعد إبلاله من إصابة «عابرة» أبعدته ثلاثة أسابيع، بممارسة هواية التسجيل. فمن لمسته الثانية بعد نزوله بديلاً عن الأرجنتيني غونزالو هيغواين في المباراة أمام سسكا موسكو في إياب الدور الثاني لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، تابع بنزيمة تمريرة الألماني مسعود أوزيل مسجلاً هدفه الخامس في المسابقة، معززاً نتيجة فريقه الذي فاز على أرضه في اللقاء 4 -1 (تعادلا 1 – 1 ذهاباً في موسكو) ، وبلغ الدور ربع النهائي ليواجه «المفاجأة» أبويل القبرصي. ويتفق المدرب البرتغالي لريال مدريد جوزيه مورينيو ومسؤول العلاقات مع المؤسسات في «النادي الملكي» اميليو بوتراغوينيو، اللاعب الدولي السابق، على أن المهاجم الدولي بنزيمة «نجم مميز». وأكد مورينيو خلال مؤتمر صحافي عقده في موسكو عشية مواجهة ريال مدريد مع مضيفه سسكا موسكو في ذهاب الدور الثاني، أن لاعبه «في طريقه ليكون من الكبار وهو الأكثر تقدماً في ريال هذا الموسم». من جهته، اعتبر بوتراغوينيو أن بنزيمة هو أحد أهم اللاعبين في ريال حالياً «كونه هدافاً ومتعدد المواهب». وتؤكد ملاحظة بوتراغوينيو «نظرة» مورينيو إلى اللاعب الفرنسي وقد اختصرها المدرب البرتغالي بقوله: «إنه يسجل الأهداف، وهذا ما يجب على المهاجم القيام به، لكنه يقدم أيضاً أشياء أخرى في الهجوم ويساعد في الدفاع أيضاً». «سبحان مغيّر الأحوال»، ففي مستهل الموسم الماضي كان مورينيو يريد «التخلّص» من بنزيمة سعياً إلى التعاقد مع «مهاجم أفضل». لكن اللاعب الفرنسي، الذي عانى الأمرين، صمد في النهاية وواجه مدربه فارضاً وجوده ومطوراً أداءه، متجاوباً مع تحديات «الميستر»، وكسبها فأضحى ركناً راسخاً في «ماكينة ريال مدريد». وبالتالي حقق مبتغاه مطبقاً القول المأثور «من جدّ وجد ومن زرع حصد». وقبل إصابته الأخيرة في مباراة الذهاب مع الفريق الروسي تحديداً، واصل بنزيمة تألقه مع ريال مدريد، ورفع رصيده إلى 13هدفاً في الدوري الإسباني بعد تسجيله هدفين في المباراة أمام راسينغ سانتاندر. عندما انتقل بنزيمة، الجزائري الأصل، إلى مدريد في صيف 2009، كان الجميع في «النادي الملكي» يبحث عن خليفة للبرازيلي رونالدو. وقد وقع الاختيار على المهاجم الفرنسي استناداً إلى تألقه مع ليون في الدوري الفرنسي. غير أن البداية المدريدية جاءت مختلفة، إذ ظهر بنزيمة بعيداً من مستواه وافتقد إلى مزايا ميدانية كثيرة منها الرشاقة ومهارات لطالما امتاز بها، وأسهمت في لفت الأنظار اليه. فبدا إلى حدّ كبير ثقيلاً وأصغر من حجم فريق كريال مدريد. قيل وقتها في العاصمة الإسبانية إن مبلغ ال 35 مليون يورو الذي دُفع لاستقدامه ذهب هباء. في موسم 2010-2011 خرج المدرب التشيلياني مانويل بيلليغريني من قلعة سانتياغو برنابيو، وبدأ عهد البرتغالي مورينيو. وأراد بنزيمة منذ البداية أن يكسب ثقة «الميستر»، معرباً عن رغبة جامحة في هزّ الشباك وإمطارها أهدافاً. كان مورينيو من أنصار المهاجم هيغواين، ما جعل بنزيمة أسيراً لدكة الاحتياط. ولم يطل هذا الواقع بعدما تعرّض هيغواين لإصابة أبعدته من الملاعب فجاءت الفرصة الذهبية لبنزيمة الذي استغلها وسجل 19 هدفاً في 25 مباراة خاضها حتى تعافى زميله، وذلك بعدما «تجرّأ» الفرنسي وواجه مدربه طالباً منه تبرير تجاهله له. وفي قرارة نفسه أعجب مورينيو ببادرة لاعبه، وطلب منه أن يكون على قدر التحدي وليثبت جدارته حتى في الدقائق القليلة التي يدفعه خلالها إلى الميدان. غير أن بنزيمة وعلى رغم نجاحه في الامتحان، وجد نفسه مجدداً على مقاعد البدلاء. تردد وقتها أن ثمة خللاً في العلاقة بين المدرب واللاعب هي السبب في تفضيل الأخير لهيغواين، وقيل إن الثقة مفقودة بين الطرفين. وعلى رغم أن بنزيمة أنهى ذاك الموسم كثاني هدافي الفريق خلف البرتغالي كريستيانو رونالدو بتسجيله 26 هدفاً بينها 6 في 8 مباريات في دوري أبطال أوروبا، وكان أفضل هداف مع ريال في الإعداد لموسم 2011-2012، لم يستطع حجز مكان دائم في التشكيلة، خصوصاً أن مورينيو قرر اعتماد مبدأ المداورة بين هيغواين وبينه. ومع انطلاقة هذا الموسم، ظهر جلياً أن قرار مورينيو كان صائباً، فقد بذل اللاعبان قصارى جهدهما لنيل ثقته. ومجدداً، نفع التحدي في بلورة موهبة بنزيمة، ففضلاً عن مهاراته التهديفية العالية، أثبت أن في استطاعته إفادة الفريق من خلال إجادته صناعة الأهداف لزملائه، كما بدا الانسجام واضحاً بينه وبين رونالدو والألماني مسعود أوزيل. هكذا كسب الفرنسي الرهان واستعاد البريق الذي عرفه في ليون، وأضحى قبلة صحف مدريد تحديداً، فراحت تفصّل أداءه وتحلل فنياته مسلطة الضوء على دوره «الإنقاذي» في أحيان كثيرة وإطلاقه «ماكينة التهديف» في صفوف ريال. ومثلاً، عزت صحيفة «ماركا» سبب استعادة بنزيمة مستواه إلى تقليصه وزنه ونسبة الدهون في جسده، «ما أتاح له ليونة أكبر بدت واضحة أخيراً». وفي موازاة ذلك، ثمة من بدأ يهمس بأن السر وراء بروز نجم بنزيمة مجدداً هو وقوف مواطنه زين الدين زيدان مدير الكرة في الفريق الأول خلفه، مزوّداً إياه بجرعات كبيرة من المعنويات في الأوقات المناسبة. الآن بنزيمة يتوهج وينتزع مكانة خاصة في قلوب أنصار ريال مدريد. وهو تطوّر يفيد النادي الملكي في مساعيه واستحقاقاته، ومنتخب فرنسا على أبواب نهائيات كأس أوروبا.