أنا من أولئك المسالمين الذين يتنازلون أحيانا عن حقهم أو يتخلون عن قوتهم نأياً بأنفسهم عن خوض معارك هامشية أو بسيطة.. وذلك انطلاقا من قناعتي أن أدخر جهدي ووقتي وقوتي بما هو أجدى وأنفع من المعارك الصغيرة.. وأعتبر نفسي مسالما دائما.. وهناك فرق بين السلام والخوف.. فما سبق وأعلنته ليس خوفا أو ضعفا إنما هو قمة القوة أن تتحكم بأعصابك وأن تحافظ على طاقتك من الهدر بما لا يستحق. يستهدفك البعض أحيانا لتخوض معارك بهدف إشغالك عن هدفك الحقيقي والرئيسي.. يضعون العراقيل بطريقك فإن تجاوزتها بسلام زرعوا الشوك ونثروا الألغام وجلسوا يتفرجون عليك وأنت تقاوم وتسير بسلام. إن فلسفة السلام الداخلي مع النفس والتصالح ما بين رغباتك وطموحك وتطلعاتك وإمكاناتك.. وبين ما قسمه الله لك وما استطعت تحقيقه في دنياك.. رسالة إنسانية من الصعب تحقيقها في ظل التوتر الدائم الذي يعيشه أولئك الذين يشغلون أنفسهم بالدنيا إلى حد التطرف ويريدون أن يأخذوا منها كل ما يمكن أن يؤخذ.. ولا يقبلون أن يقدموا أي شيء حتى السلام والابتسام. البعض يتمادون بالبخل حتى بأبسط الأشياء.. البخل بالمشاعر الإنسانية الإيجابية.. البخل بالابتسامة والمودة والصدق والصفاء.. البخل بتقديم المعونة دون سبب.. وبذل الخير دون انتظار لمردود.. البخل بالنصيحة والإرشاد.. أولئك البشر نزع الله من قلوبهم أبرز صفات البشرية وهي المشاعر.. فهم أجساد بلا أرواح.. همهم المصلحة والفائدة لهم فقط وما غير ذلك لا يعنيهم. سأبقى على قاعدتي بالسلام الشخصي مع النفس ومع الآخرين.. ولا يعني ذلك الضعف التام.. أو التنازل عن حقوقي.. ولكن المعنى أنني أحتفظ بمساحة كبيرة من العفو والمغفرة للآخرين.. ومساحة حقيقية من الصفاء والمودة.. ومساحة واسعة من الحب الذي لا يمكن أن يقترن معه البغض.. لا يمكن أن يكون في قلب المحب مساحة من البغض.. لذلك لا أملك سوى أن أدعو للجميع بالخير والمودة.. وأدعوهم للتسامح وأن يكونوا مسالمين .. وأن ينأوا بأنفسهم عن الأحقاد قولا وفعلا .. ودمتم سالمين.