لا أخال غالبية القراء يجهلون دور نقابات ذوي المهن الطبية في رقابة وتطوير وحماية المهنة. وهي أي النقابة بدأت في الغرب ونقلتها بعض بلدان العرب وطبّقت مضامينها في مناطقها. تلك النقابات أراحت دواوين الحكومة من ملاحقة نشاطات الإخلال بالمهنة، والشائعات المنطلقة عنها، وأعطت المجال للجدل والتخاصم أمامها بدلا من وزارة الصحة والتجارة مثلا، والذين لا يفهمون في مهنة الطب والتخدير والدواء والكسور ما يكفي لتقييم حالة ما، أو خطأ طبي أو استغلال المهنة أو إساءة استعمالها أو تجاوز العرف المهني. رأيي أنهم في الغرب أرادوا تسيير أعمالهم على مايرام، فأزاحوا عن كاهل المحاكم واللجان والدوائر كل ما يختص بالمهنة إلى نقابتها. والقرار الصادر عن تلك النقابات سار كسريان مفعول القانون، فإذا أدين طبيب أو صيدلي أو ممرضة أو محلل أو مصوّر فلا تتردد النقابة من شطبه من السجل المهني الطبي. ويُمثل الإجراء المصطلح الآتي : - struck off from the medical register اقول عن نظام المجتمع المدني المطبق عندهم منذ قرون قد أعطى الوقت للدوائر الأخرى للتفرغ للعمل الورقي بدلا من متابعة أمور علمية / طبية قد لا يدركون من أسرارها شيئا. وتنشط هذه النقابات في مجال تطوير المهن التي تمثلها والارتقاء بمستوى الأداء المهني للمنتسبين من خلال تنظيم المحاضرات والمؤتمرات والندوات ودورات التعليم المستمر في مختلف مجالات التخصص، وتقدم النقابات المهنية لمنتسبيها عددا من الخدمات الهامة مثل القروض ذات الفائدة المنخفضة، وخطط الإسكان، التأمين الصحي، معاش التقاعد وبعض الخدمات الأخرى وتساهم النقابات المهنية بشكل فاعل في القضايا العامة ولها موقف سياسي ثابت من كافة المصالح في البلد، مما يعطيها دعما شعبيا واسعا، وهذا الموقف يمثل موقف كافة الهيئات العامة للنقابات (باعتبارها النخبة المثقفة في المجتمع)، وهذه الهيئات تنتخب بشكل حر، وأعطيت النقابات المهنية دورا كبيرا في الواقع الاجتماعي ونجد أن للنقابات موقفها الداعم لرفاه الشعب. وإذا قلنا إن المجتمع المدني هو – في أحوال عديدة – أدرى بخفايا المهن فمؤسسات المجتمع المهني بشكل عام تعتبر حلقة الوصل ما بين مؤسسات الحكم الرسمية والجماهير فهي وبحكم التصاقها بقاعدة المنتفعين الأقدر على فهم واقع وحاجات ومشاكل البلد وهي خير من يستطيع التعبير عن آمالهم وطموحاتهم ومصالحهم، لذا فإن صوت مؤسسات المجتمع لا سيما العلمي والطبي منه - يجب ان يكون مسموعاً لدى صانع القرار فهي تزوده بالمعلومات الدقيقة اللازمة لعملية صنع القرار بحكمة ورشد.