يشعر دائماً بالخوف من ماذا؟ ربما أحياناً من الخوف نفسه.. من المجهول.. يأسر نفسه في ذلك المكان الداخلي المظلم والذي لم يتغير.. ربما كان مريضاً ذات يوم وشفاه الله لكنه ظل مأسوراً بمرضه.. مستكيناً لهواجس الغد المرتبطة به.. والتي تفتح له أبواب الخوف وأولها.. أنه قد يمرض غداً.. وليس هناك ما قد يمنع ذلك .. وبين الخوف من الغد يسرقه الوقت وبالتالي لايعيش حاضره مستمتعاً بما فيه.. ولكن يدور داخل دوامة الخوف الموجع الذي يغتال الحياة الطبيعية التي من الممكن أن يعيشها..! يخاف من بكرة ولذلك هو لا يعيش اليوم رغم أن هذا اليوم يستحق ان يعيش داخله لكنه يفسده بمسببات مؤلمة ليوم غد..! يخاف من المستقبل.. ويخاف أن لا يكمل حاضره دون أن تداهمه كارثة تفوق قدرته على الاحتمال فتقتله حياً او تدمره .. وبين الحرمان من الحاضر والخوف من المستقبل يعيش بحساباته داخل الخوف نفسه وهو الموت دون مفارقة الحياة.. وهو العدو الذي يتسيّد تفاصيل يومك دون أن تشعر وهو تلك اللحظات المسمومة التي تستوطن النفس وتمنعها من أن تلتفت إلى ساعة الأمل .. بل وقد تحصّنها من عدم ملامستها..! مع الخوف تتوقف الحياة تماماً في ظل إحساسك أن ذلك التهديد المستقبلي لن يغيب .. وسيحضر.. وليس بما هو أفضل ولكن بسلبية مشاعره .. وتدفق آلامه التي لن تستطيع الوقوف أمامها..! تخاف من المجهول وهو ما يسميه البعض المستقبل .. تخاف من عدم معرفته .. على نفسك ومنه أيضاً.. تخاف من توقيت مداهمته..أحياناً قد تحدد ما تخاف منه.. وما ستذهب إليه.. وأحياناً لاتعرف ما هو الذي سيأتي .. وما هو ذلك الشيء الذي قد يسقط عليك ويأخذك معه..! وقد اهتم الباحثون بظاهرة الخوف من المستقبل والتي هي خوف من المجهول وجهلنا الأمر يجعلنا نتخيّله وكأنه شيء مروع ومقيت مايجعلنا نشعر بالسوء تجاهه.. ذلك لأن المخيلة تبالغ وتشوه صورة الخطر الحقيقي إلى أقصى الحدود..! ولذلك كما يقول المختصون فإن أول خطوة في سبيل حملتنا ضد الخوف تكمن في التقصي وجمع كافة المعلومات عن مخاوفنا الحقيقية.. إذ إن السبب الذي يجعل من هذه المخاوف صعبة في التغلب عليها هو أننا نبقيها غامضة ومظلمة..! ومن الطرق التي تساعد على تخطي المخاوف التالي.. 1- قم بالأمور التي تخيفك.. ذلك أن الفرصة في تخطي الخوف ضئيلة ما لم تكن مستعداً لتعريض نفسك للشيء الذي يخيفك.. فمن قام برحلة على متن الطائرة مئات المرات لن يخاف مثل الذي يقوم بالرحلة للمرة الأولى.. المبدأ هو ذاته بغض النظر عن نوع خوفك.. سواء من تسلق الجبال.. أو السفر بالطائرة.. لذاعليك المخاطرة والمبادرة على القيام بما تخشاه حتى النهاية.. ومتابعة القيام به حتى يختفي الخوف.. ففي كل الأمور المهمة هناك مخاطرة في الفشل أو التعرض للرفض ولكن هذا هو السعر الذي علينا دفعه جميعاً في سبيل حصد المكافآت الأعظم والتي تنتظرنا جميعاً.. فالمخاطرة تعني أنك ستنجح في بعض الأحيان ولكن غيابها يعني أنك لن تنجح أبداً.. ومن هذاالمنطلق من لا يخاطر في حياته لن يتعلم شيئاً..!! 2-لاتفكر في الأمور المخيفة باستمرار.. فمن المستحيل أن نخاف من أمر معين ما لم نكن نفكر فيه باستمرار.. وفي حال كانت أفكارك تدور حول أمور سعيدة عوضاً عن مخاوفك فلا يمكن لأي شيء أن يزعجك مهما كان حجم مخاوفك.. فالمشاعر تحتاج دائماً إلى أساس من التفكير كي تتواجد وهذا يشبه إبعاد ناظريك عن مشهد مزعج حتى لاتستطيع رؤيته..! 3- لا تعظم الأحداث.. بمعنى لا تمكن الخوف من حادثة قد تحصل معنا ما لم تكن كارثة أو مسألة حياة أوم وت .. وان استطعت إقناع نفسك بأن المسألة التي تتعامل معها ليست بهذه الخطورة ستتمكن حينها من الشعور بالراحة.. ولكن في حال استمرارك في القول إن مسألة ما تعتبر أهم شيء في حياتك أو أن حياتك ستنتهي إن حدث ذاك الأمر فسيحكم عليك بالبقاء قلقاً ومنزعجاً طول الوقت.. وتبرهن خبرات العديد من الأشخاص الذين واجهوا صعوبات الحياة أنه لايوجد شيء في الحياة يمكننا اعتباره رهيباً أو لايمكن تحمّله ..إذ يمكن للإنسان قبول أي تجربة والتعامل معها بكل هدوء وروية..! 4-لاتفكر في مخاطر الحياة فقط حاربها حين حدوثها.. حيث ينبغي عدم التفكير والتركيز على المخاطر التي يمكن أن تحدث لنا.. فمعظم الأمور قد لاتحدث وهي ليست سوى نتيجة الشك في ذهنك وخيالك الواسع الذي يبالغ في كل شيء ويمنع من رؤية الأمر على حقيقته.. لذلك عليك التفكير في الأمور الجيدة والإيجابية وترك الأمور السلبية للمواجهة وليس للتفكير فيها..! 5- تذكر أن لكل مشكلة في الحياة حلا ً.. هذه المعرفة من شأنها أن تقلص من حجم مخاوفك وبالتالي ستدرك أن كل صعوبة في الحياة يقابلها حل.. ويمكن تحملها وستجد لها الحلول.. ككثير من الأمور التي واجهتها..! أخيراً في كنف المستقبل تحديداً يختبئ الأجمل والأسمى كما يقول أحدهم.. ومع كل فجر يشرق أمل جديد.. ولن يشرق ذلك الا بالتفاؤل الذي هو نوع من أنواع السعادة.. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنا عند ظن عبدي بي)رواه البخاري ومسلم..أيضاً..(تفاءلوا بالخير تجدوه)..!