أكد مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل، أن المعهد العالي للقضاء بأقسامه أجاد وأفاد في كثير من المجالات والنواحي من خلال بحث المسائل والنوازل والحوادث التي يحتاجها المجتمع، حيث تضع النقاط على الحروف من خلال مؤسسة أكاديمية علمية موثوقة مرموقة لها مكانتها ومنزلتها داخلياً وإقليمياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً ألا وهي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. جاء ذلك بعد مناقشة الطالب عبدالله بن صالح بن عبدالرحمن العضيبي الذي حصل على شهادة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى عن رسالته العلمية المقدمة لقسم السياسة الشرعية في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بعنوان "أحكام وسائل الاحتجاجات الشعبية" والذي اشرف عليها الدكتور سليمان أبا الخيل مقرراً وعضوية كلٍ من الدكتور عبدالعزيز بن محمد الحجيلان الأستاذ بجامعة القصيم والدكتور إبراهيم بن الميمن، كما أوصت اللجنة بطباعة الرسالة وترجمتها. وقال أبا الخيل إن هذه الرسالة تأتي في وقت أحوج ما نكون فيه إلى العودة إلى منابع هذا الدين والانطلاق من مبادئ الشريعة وأحكامها في جميع أحوالنا وتحولاتنا وأقوالنا وأفعالنا وتصرفاتنا، وخصوصاً تلك التي تتعلق بعقيدتنا وإيماننا وشريعتنا وأمننا وأماننا وطمأنينتنا وولاة أمرنا، وهذه الرسالة من خلال أبوابها وفصولها ومباحثها ومسائلها تعطي جواباً كاملاً وشاملاً ودواء شافياً وكافياً لمسألة هي مزلة أقدام ومعترك أفهام، رفع من خلالها أرباب الفتنة ودعاة السوء عقائرهم دعوة إلى خلخلة الأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار من خلال اعتصامات وتجمعات ومظاهرات ما أنزل الله بها من سلطان, وليست هي من ديننا ومعتقداتنا ومجتمعنا، ولا تمت لنا بصلة من قريب أو بعيد" كما قرر ذلك علماؤنا المحققون. وخلصت الرسالة إلى عدد من النتائج من أهمها: أن الاحتجاج اصطلاحاً ونظاماً لا يخرج عن معنى المجادلة والمخاصمة والمعارضة، سواء كانت باللسان أو السنان ونحوها، وأن وسائل الاحتجاج الشعبية هي: الطرق الشعبية المنظمة والمعبرة عن غضب، لظلم لحقهم، أو عن تأييد لقرار فيه مصلحتهم، وأن الغاية من حرية التعبير عن الرأي هي البناء والتعمير وتحقيق مصلحة الأمة الإسلامية، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وليس المقصد هو مجرد إبداء الرأي أو النقد لتحقيق مكاسب رخيصة، لم يطلق الإسلام حرية التعبير عن الرأي من غير ضابط لها، بل وضع لها قيوداً، وحد لها حدوداً منها ما يلي: مراعاة النصوص الشرعية، وطاعة ولي الأمر، ومراعاة القيم الاجتماعية والمبادئ الأخلاقية، والالتزام بمبدأ العلم والتخصص، ومراعاة ما تؤول إليه حرية الرأي من المصلحة والمفسدة والحفاظ على النعم والأمن والأمان. ومن النتائج التي توصل لها الباحث أن المسلمين لم يعرفوا طوال عصورهم التظاهر أو الاعتصام الموجود اليوم في العالم الإسلامي، ولا وجود للمظاهرات في التاريخ الإسلامي بل هي طرق دخيلة على المسلمين، وكانت إنجلترا أسبق الدول إلى تقرير الحريات الفردية لما عانته الإنسانية في العصور المظلمة من الظلم والجور والتطرف والتشدد. ونوهت الرسالة إلى أن الحق في حرية الرأي والتعبير في المملكة العربية السعودية مكفول وفقا لما تسمح به الشريعة الإسلامية، والعلماء الراسخون في العلم والمعتبرون في الفتوى والمشهود لهم بالحكمة يمنعون جميع أنواع الفتنة والفوضى من مظاهرات بجميع أنواعها واعتصامات وبيانات احتجاجية معارضة للسلطة، ولم يخالف في ذلك إلا الشواذ ممن ينتهج منهج الإخوان المسلمين ونحوهم. وأوصى الطالب عبدالله العضيبي بعدد من التوصيات منها: نشر الوعي الديني لدى الأفراد بحرمة التظاهر والاعتصام، وخطر ذلك على الأمة الإسلامية، وبيان الآثار السيئة المترتبة عليها دينياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، والعمل على تنشئة أفراد المجتمع التنشئة الإسلامية الصحيحة، فهي الدرع الواقي لحماية الشباب، وتثقيف عقولهم، مع نشر المبادئ الإسلامية الأصيلة، ومنهج السلف الصالح، وتطوير أداء الأجهزة الأمنية والشرعية لزيادة قدرتها على مقاومة الحركات المستجدة التي قد تضلل الشباب وتستقطبهم، مع توضيح مخاطر الجماعات والاتجاهات والثقافات الدخيلة وخطورتها على شباب الأمة. كما أوصت بمنع جميع القنوات الفضائية المنحرفة عقدياً والتي لا تتبع المنهج السلفي الوسطي، وزيادة قنوات التواصل بين الراعي -صاحب القرار- والرعية وتفعيلها ومتابعتها، وتأييد مركزية الفتوى للعلماء الراسخين في العلم، وأهمية دور الخطباء والدعاة والبرامج الدعوية في جمع الكلمة وطاعة ولي الأمر والتحذير من البدع، وتفعيل مشروع الحوار الوطني في تحقيق الأمن الفكري، لتعزيز وتعميق القيم الإسلامية في مبادئنا ومختلف مجالات الحياة، وغيرها. يذكر أن الرسالة عرضت في أربعة أبواب رئيسة: الأول الاحتجاج بالمظاهرات الجماعية, والثاني الاحتجاج بالاعتصامات الجماعية, والثالث الاحتجاج بالبيانات الجماعية والفردية, والأخير البدائل المشروعة للاحتجاج الشعبي، والتي نوقشت مؤخراً في قاعة المعهد العالي للقضاء.