الهلال بقوته وخبرته وإرثه الرياضي التاريخي ورجاله الكُثر لم يستطع حسم أهم قضاياه في ليلة اعتبرها عشاقه حاسمة وكاشفة لهم طريق المستقبل وملفات ينتظرون التوقيع على إنهائها، الهلال بتأثيره ليس المحلي إنما القاري تنتهي اجتماعاته بلا قرارات، وكأن هناك من يخشى ردة الفعل فيفضل الابتعاد عن الخطر، لا لا أبداً هذا ليس "الزعيم" الذي لايستصعب الأمور، ولاينحني أمام اتخاذ القرارات الصعبة والتاريخية التي ترسم ملامح صناعته من جديد وتحدد مصيره وتوجه بوصلته باتجاه الهدف المنشود، أكثر من خمس ساعات بين ترقب وحبس لأنفاس الجماهير الزرقاء لم تسفر عن نتائج بحجم حاضر ومستقبل الكيان، وملبية لرغبات جماهير النادي الأزرق الذي تنتظره مهمة قارية في غاية الصعوبة، كان بإمكان الشرفيين حسم الكثير من الأمور وإعلانها على لسان الإدارة بعد نهاية الاجتماع مباشرة، ولكنهم فضلوا أن ينفض السامر والمشجع الأزرق يتساءل (ما الذي ناقشه واتخذه رجال الهلال.. وما الذي كانوا ولازالوا يخافون منه حتى تكون نتائج الاجتماع مشفرة حتى إشعار آخر؟). هذا لايتماشى وأهمية حسم أي قرار لمصلحة الكيان، لاهم الذين قضوا أمورهم بالصمت، ولاهم الذين عندما أعلنوا عن نتائج الاجتماع لوسائل الإعلام على لسان الأمير عبدالرحمن بن مساعد، ولاهم الذين حسموا مستقبل ناديهم وجهازه الفني. لماذا لم يوخذ رأي الشرفيين في تعيينه والاستغناء عن غيره.. وكيف أصبح الغموض شعار الجميع؟ هذا التردد الأزرق غير المعتاد أعاد الجماهير الى المربع الأول لتتساءل أيضا(ما الذي ينتظرونه حتى يترددوا في الإعلان عنه.. لماذا تسربت أنباء إقالة الجهاز الفني عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل نهاية الاجتماع، ومن أناس محسوبين على شخصيات هلالية حضرت الاجتماع.. هل ذلك مجرد جس نبض لردة الفعل الجماهيرية والإعلامية، أم أن تلك رغبات شرفية ولكنهم لايجرؤون الإعلان عنها، فيريدون أن تكون الإدارة هي من يقف في وجه المدفع؟) قرار إقالة المدرب ومناقشة أي أمر يخص واقع مستقبل النادي ليس صناعة قنبلة ذرية تحاط بالسرية وخشية إفشاء الأمر الى جهات أخرى، قرار سهل جداً لمن يملك الشجاعة والحنكة والحكمة والرؤية السليمة، فسامي وغيره من المدربين والرؤساء والشرفيين واللاعبين والاداريين وكل من خدم النادي في مختلف الألعاب والأنشطة سيترك النادي بطوعه أو العكس (تلك هي سنة الحياة) وإقالة المدرب أو الإداري أمر اعتاده الجميع وقد يحدث ذلك خلال الموسم أكثر من مرة إذا فرضته الظروف ومصلحة النادي، ولكن ما حدث بعد مواجهة الإياب مع بيونديكور الأوزبكي من تصريحات للرئيس بإحالة الأمر الى أعضاء الشرف، ثم من دون حسم فيه إضعاف كبير لهيبة الإدارة وقرارتها، بل إنها أشبه بذلك الذي يريد أن يتخذ قراراً داخل منزله لإصلاح خلل معين، ولكنه يخشى ردة فعل أهله وأولاوده فيتراجع ويعتمد على الكثير من التسويف، وهذا مؤشر غير جيد، وكان على الإدارة ان تكون أكثر ذكاء عندما أصر الشرفيون (حسب مانسمع ونقرأ) على أن يكون إعلان قرار بقاء الجابر أو رحيله عن طريقها، لماذا؟.. لأنهم يعرفون جيداً شعبية سامي وردة الفعل الجماهيرية غير العادية، ولهذا وضعوا الكرة في مرمى الإدارة وهم محقون في ذلك لأنها هي صاحبة القرار وهي من أعلنت عن الاجتماع معهم، ولو كانت الجماهير تملك الثقة بسلامة تغيير المدرب والقرارات الأخرى لما احتجت وعبرت عن غضبها. ثمة أسئلة منطقية (هل استأنست الإدارة برأي جل الشرفيين الذين حضروا الاجتماع الأخير حول تدريب الجابر للفريق العام الماضي؟)، الذي نعرفه بشهادة رئيس هيئة اعضاء الشرف ورئيس النادي ان الذين ناقشوا القرار ثلاثة اشخاص هم الأمراء بندر بن محمد وعبدالرحمن بن مساعد وأحمد بن سلطان مع تحفظ الأول لاعتبارات يراها صحيحة، إذاً لماذا (حسب ما تسأل الكثير من الزملاء) يؤخذ رأي البقية في قرار إقالته ولم يؤخذ عند تعيينه، أم لأن قرار التعيين سهل، وقرار الإقالة معضلة كبيرة بالنسبة لإدارة الهلال مع العلم بأنها أقالت مدربين في فترات سابقة من دون العودة إلى الشرفيين. الخوف ممن؟ إقالة الجابر ليست قضية مستعصية الحلول، فهذا أمر طبيعي وعمالقة التدريب في العالم أقيلوا من الأندية في السعودية وفي مختلف أنحاء العالم، ولكن الاختلاف على آلية اتخاذ القرار والانقلاب على سامي الذين كان الى وقت قريب يحظى بثقة الإدارة والشرفيين الداعمين قبل ان تنقلب الأمور رأساً على عقب، ولو كان منتصف الموسم أو عندما كان يؤدي الفريق بصورة متواضعة مع بداية دوري أبطال آسيا لكان الأمر مقبولاً، ولكن أن يأتي ذلك وسط إشادة الإدارة بعمله فهذا أمر يثير الاستغراب، ويحُير المتابع؟. ما حدث لايعدو كونه تردداً، وخوفاً وعشوائية وعدم وضوح ورهبة من ردة الفعل الجماهيرية وهذا يتنافى والشجاعة المطلوبة، هم يقولون إنهم يعملون لإرضاء الجماهير، ولكنهم من حيث لايعلمون يعملون على تسلل الخوف من المستقبل اليها، جماهير الهلال ليست مثل أي جماهير فهي واعية وتثمن مواقف كل من يخدم النادي، وهي أيضا سند النادي القوي بعد الله، وخط الدفاع الأول عنه بعدما غاب صوت الإدارة، وأصبح الإعلام الهلالي الصادق منبوذاً وضعيفاً، وحل ومكانه إعلام لاتهمه مصالح النادي حتى باتت أسراره لم تعد بحوزة إدارته وأعضاء شرفه وداخل أروقته، إنما تنشر عن طريق البعيد، ولم يعد للنادي الكبير هيبته وحرمته وقوته وتأثيره، ومكانته وخوف المنافسين منه، بل أصبح جداراً قصيراً الكل يقفز من فوقه ويصل الى هدفه وغايته. صبيحة الاجتماع طالبت عبر أكثر من تغريدة من خلال شبكة التواصل (تويتر) بالالتفافة والوقوف مع الإدارة وخلف الشرفيين واللاعبين (على اعتبار انه حسم كل شيء ولم يبق إلا الاعلان عن أهم القرارات حول الجهاز الفني خلال ساعات)، وفجأة يكتشف الجميع ان لا أعضاء الشرف حسموا هذا الملف مع الإدارة، ولا الإدارة كانت شجاعة واضطلعت بمسؤوليتها ووضعت حداً للتكنهات التي انتشرت هنا وهناك، حتى الجماهير الزرقاء المغلوبة على أمرها غُيبت وغابت عنها المعلومة الصحيحة، بين بيان ركيك تمت صياغته بحبر غير واضح وأنامل مرتبكة وخائفة، وأخبار يغرد بها أبعد الناس عن أسرار الاجتماع والتأكيد على التعاقد مع مدرب جديد تارة، وبقاء الجهاز الفني بقيادة سامي الجابر تارة أخرى. هذا التردد يعكس شيئاً واحداً وهو ان ادارة الهلال وراء هذه (اللخبطة) والعشوائية في اتخاذ القرارات، فلا هي التي ارتدت ثوب الشجاعة وتحملت مسؤولية اتخاذ القرارات المصيرية، ولا هي التي تعاملت مع الموقف بما تقضيه مصلحة النادي من صمت وحكمة وقضاء الحوائج بالكتمان، هي أرادت أن ترضي أعضاء الشرف فلم تفلح، وحرصت على كسب ود الجماهير والشفافية مع الاطراف الأخرى فلم تنجح، أضاعت الطريق الصحيح، فظهرت مهزوزة. نعم قدمت هذه الإدارة خلال الفترة القصيرة الماضية عملاً جيداً مع الجهاز الفني دفع بالفريق الى دور الثمانية في بطولة آسيا مع تقديم مستوى افرح الجماهير وأعاد لها الثقة، ولكنه بكل أسف اصيب عملها بانتكاسة خطيرة مجرد خروج الرئيس فضائيا ليلة التأهل القاري، وكأنها تعود الى المربع الأول وتبدأ من جديد، وبالنسبة لقضية الجابر فهو واجه تيارات عدة، تيار مندفع خلفه ولايريد أن يمس بشيء عطفاً على العمل الذي قدمه، وجعله جديراً من خلاله بالبقاء على رأس الهرم التدريبي، وبين تيار يريد إسقاطه بأي طريقة كانت، سواء الذين اختلفوا حوله ولديهم مواقف سابقة معه، أو الذين يخشون نجاحه مدرباً وخطف الأضواء كلها بعدما سجل حضوره وتفرده نجماً على المستطيل الاخضر مع المنتخب السعودي والهلال حتى أصبح اللاعب والمهاجم السعودي الأشهر على مدى تاريخ الرياضة السعودية. والمؤسف أن الإساءات والألفاظ البذئية طالت الجابر ليس من خلال الذين يتمنون فشله من المعسكرات المنافسة، ولكن من بعض الذين يحسبونهم الهلاليون يشجعون ناديهم، وكأنهم ينفذون أجندة شعارها (أسقطوا الجابر بأي طريقة كانت)، حتى إن هناك إعلاميين انكشفوا فبعضهم كانت مواقفهم متطرفة ضد الاإدارة والبعض الآخر ضد الجابر و(آخر مايفكرون به الكيان). ختاماً ما الذي تريده الإدارة الهلالية والى أين ستصل، ولماذا لم تستفد من الدروس السابقة وتكون أكثر قوة وكفاءة؟، أعضاء الشرف هم الآخرون لماذا كان موقفهم غامضاً ضد الجهاز الفني؟، وإذ كان هناك من يؤكد أن الإدارة الهلالية والشرفيين خط أحمر، وهذا كلام جميل، فالمفترض ان يكون النادي أولاً هو الخط الأحمر في وجه من يريد ان يتطاول عليه وما أكثر التجاوزات ضده؟ خاتمة إذ كان اسعاد الجماهير مطلب الادارة الزرقاء كما تقول (فالجماهير تقول يبقى الجابر او يرحلان مع بعض)، وهذا يعني انها لم تصل الى الحد الادنى من رغبات الجماهير، الجابر لديه اخطاء وأولها الظهور الفضائي الشهير وبعض التنظيمات التي أقرها وليست من صلاحيته ولكن لايعامل بهذه الطريقة من الادارة واعضاء الشرف الذين يفترض عليهم تثمين جهود من خدم الفريق.