تشهد الملاعب السعودية تراجعاً ملحوظاً في الحضور الجماهيري عما كانت عليه في السابق بعدما كانت المدرجات تكتظ بالجماهير في غالب اللقاءات المهمة، وغير المهمة إلا أن ذلك اختلف في الموسم الحالي فبات الحضور مقتصراً على اللقاءات المصيرية للفرق التي تحدد مستقبلها في الدوري أو الكأس، وتبدو الأسباب التي ساهمت في إبعاد الجماهير عن المدرجات واضحة للعيان إذ يعاني المشجع من توقيت اللقاءات التي تأتي غالباً في غير أيام عطلة نهاية الأسبوع إذ لعبت في الموسم الحالي ثماني جولات فقط من أصل 26 جولة في أيام (الجمعة والسبت) وباقي الجولات شهدت مباريات في أيام العمل الرسمية مما ساهم بشكل ملحوظ في غياب الحضور الجماهيري، ومن أهم هذه الجولات التي لعبت في يوم عمل الجولة الأخيرة والتي غالباً ما تحدد مصير الدوري وهي بكل حالاتها تعتبر جولة مهمة كونها تقرر مصير بطل الدوري أو تكون جولة تتويج البطل وكذلك تحسم المتنافسين على الهبوط والبقاء وربما جولة يحسم فيها المتأهلون إلى البطولات الخارجية وعلى الرغم من أهميتها للجمهور الرياضي لم تراع لجنة المسابقات ذلك وحددت موعد الجولة الأخيرة يوم الأحد وهو الأمر الذي أسهم في انخفاض الحضور الجماهيري بشكل واضح فبخلاف مباراة النصر والتعاون والتي كانت موعد تتويج النصر عقب غياب أعوام طويلة لم تكن باقي اللقاءات ذات حضور جماهيري متوقع إذ تابع مباراة الشباب والعروبة في ملعب الأمير فيصل بن فهد 285 مشجعاً وفي مباراة الأهلي والاتفاق على ملعب الأول في جدة حضر المباراة 2364 مشجعاً وهو رقم ضعيف جداً مقارنة بشعبية الأهلي الجارفة، وفي مباراة الفتح والهلال في الأحساء شهدت المدرجات حضور 2519 مشجعاً وهذا الرقم لا يمثل شعبية الهلال في المنطقة الشرقية ولا يعكس الحضور المميز لبطل الدوري الموسم الماضي وفي مباراة الفيصلي والنهضة في حرمة حضر 175 مشجعاً على الرغم من أن الفيصلي دخل اللقاء وهو مهدد بالهبوط.. وفي الخرج التقى الرائد والشعلة وكلاهما مهدد بالهبوط إلى "ركاء" ومع إثارة اللقاء إلا أن الحضور الجماهيري اقتصر على 750 مشجعاً، وفي نجران حيث حل الاتحاد ضيفاً على نادي نجران لم يحضر لمتابعة اللقاء غير 826 مشجعاً ولا يليق هذا العدد بجماهيرية الاتحاد، ومن أهم اللقاءات التي لعبت في أيام عمل "دربي الرياض" بين الهلال والنصر في الجولة العاشرة. اما يوم الاثنين فلعبت مباراة الأهلي والشباب في الجولة ال11 إذ لعبت يوم الخميس في الرياض وكذلك لقاء النصر والأهلي في الجولة ال15 لعب يوم الاثنين في الرياض ولقاء الاتحاد والهلال في الجولة ال17 لعب يوم الخميس وأيضاً مباراة الهلال والأهلي في الجولة ال18 إذ لعبت يوم الخميس إضافة لمباراة النصر والاتحاد في الجولة ال24 والتي لعبت يوم أحد. اختيار توقيت يناسب المشجع الرياضي واحد من الأسباب التي ستساهم في عودة الحضور الجماهيري الغفير للمدرجات في الملاعب السعودية في كل جولة ولقاء، فالرياضة السعودية تنعم بوجود أندية ذات جماهيرية كبيرة لا يمكن إغفالها، والتواجد الجماهيري في لقاءات القمم غالباً يدفع ثمنه المشجع غالياً فقد يكلفه الغياب من الغد عن عمله لاسيما حينما يكون قادماً من خارج المدينة التي تلعب بها المباراة. ومن الأسباب التي قادت إلى تراجع الحضور الجماهيري في الملاعب السعودية سوء التنظيم؛ إذ يضطر المشجع للذهاب باكراً إلى ملعب اللقاء ليضمن الحصول على مقعد وفي اللقاءات الجماهيرية الحاسمة تضطر الجماهير للذهاب إلى الملعب قبل صافرة المباراة بقرابة خمس ساعات إذ تظل تحت أشعة الشمس الحارقة أو وسط الأجواء الباردة من دون وجود وجبات غذائية صحية إذ لا تحظى أكشاك البيع في الملاعب بمراقبة صحية بل تعمل مهملة وسط مزاجية العمالة الوافدة إلى جانب عدم نظافة المقاعد ويضاف لهما ازدحام وتعطل الحركة المرورية بعد المباريات، وهذه العوامل تجتمع تحت عنوان واحد (سوء التنظيم في الملاعب)، فكيف يمكن مطالبة المشجع الرياضي بالحضور ومؤازرة فريقه إن كان يعاني من كل جانب من سوء توقيت اللقاءات وسوء تنظيم وسوء خدمات وعدد من الأمور التي تحبط كل مشجع تطأ قدماه مدرجات أي ملعب في السعودية وكثير من الجماهير يكتفون بحضور لقاء أو لقاءين في كل موسم يكون حاسماً لفريقه ويفضل أن يرى باقي المباريات من خلف شاشات التلفاز إذ تتوافر لديه كل سبل الراحة، الجماهير الغفيرة في المدرجات السعودية تستحق أن يوفر لها تنظيم أجمل في الموسم المقبل فهي الحلقة الأقوى في سلسلة الدوري السعودي إذ تتمناها عدد من الدوريات على مستوى العالم فالواجب ألا نخسر جمالية حضورها في المدرجات بسبب إهمال ما يحتاجون إليه، فمن حقهم أن تكون لقاءات الدوري في أيام إجازات نهاية الأسبوع ويختار لها توقيت جيد فليس من الضروري أن تلعب المباراة بعد صلاة العشاء لاسيما إن كانت الأجواء تتيح لعبها في وقتٍ مبكر كالعصر أو حتى الظهر في فصل الشتاء على غرار الدوريات الأوروبية، ومن حق المشجع الرياضي أن يحصل على أفضل المطاعم في الملعب فلن يكون الأمر مستحيلاً إن تم وضع أكثر من مطعم في عدد من الملاعب الرياضية لاسيما وأن بعضها تملك المساحة الكافية لإقامة مثل هذه المطاعم كملعب الملك فهد بالرياض، ولا يمكن إغفال عملية تنسيق دخول المشجع إلى مدرجات الملعب من خلال العمل على إيجاد تذاكر إلكترونية تحمل رقم المقعد والبوابة. هذا المشروع المتعطل منذ سنوات حان الوقت لأن يبدأ تنفيذه حتى يتاح للمشجع أن يحضر قبل المباراة بدقائق بسيطة فالأمر لن يكون ضرباً من الخيال في تطبيق هذه التذاكر الإلكترونية لراحة المشجع وللقضاء على السوق السوداء قدر الإمكان ولا يغفل جانب مهم ففي اللقاءات الجماهيرية تعاني الجماهير من الحصول على تذكرة قبل اللقاء ولا تصل إليها إلا بشق الأنفس ولعل ما حدث في نهائي كأس الملك بين الأهلي والشباب كان إنموذجاً لمعاناة الجماهير والتي تبدأ قبل المباريات بأيام ولا تنتهي إلا عند وصول المشجع إلى منزله بعد المباراة. من الواجب على رابطة دوري المحترفين حماية المدرجات من ابتعاد الجماهير عنها من خلال توفير متطلباتهم والعمل عليها فمنذ أعوام والملاعب تنتظر البوابات الإلكترونية من دون جدوى وكذا الإشراف الصحي على أكشاك البيع في الملاعب لا تعدو مجرد حبر على ورق لم تطبق في الواقع، فإن استمرت هذه المعاناة في كل موسم مع الجماهير سيكون ذلك مؤشراً خطيراً في ابتعاد الجماهير عن المدرجات بشكل تدريجي إلى حين قطع العلاقة بالكلية، وستكون حينها مدرجات الملاعب خالية دون حضور أو سيقتصر الحضور على اللقاءات النهائية دون غيرها، فهذه الجماهير واحدة من أهم أسباب قوة ونجاح الدوري السعودي على مستوى القارة الآسيوية ومن حقهم على المسؤولين أن يحافظوا على وجودهم واستمرارهم من خلال توفير سبل الراحة لهم في الملاعب الرياضية. قلة وعي بعض الجماهير ساهمت في تأخر تقديم الخدمات لهم