تشهد الصكوك الإسلامية في المملكة إقبالاً تصاعدياً، حيث تعتبر البداية التي انتشرت فيها الصكوك الإسلامية بشكل لافت منذ العام 2007، إذ اعتبرها الكثير من المراقبين بديلاً مناسباً للسندات، بالإضافة إلى دورها الكبير في الوقت الحالي لامتصاص السيولة المرتفعة التي تشهدها الأسواق المحلية، خصوصاً مع زيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع الكبيرة والعملاقة التي أقرت في موازنات المملكة خلال التسع سنوات الأخيرة والحركة التجارية المتسارعة التي تشهدها المملكة خلال نفس الفترة. وعزا متخصصون في الصيرفة الإسلامية أن غياب الصكوك عن المشهد ليس لعدم الإقبال عليها وإنما لرغبة المستثمرين الاحتفاظ بها مدة طويلة، لذلك لا تجد تداولات كبيرة تتم على الصكوك في السوق المالية السعودية، وفي دليل على هذا الإقبال الكبير حينما تم الإعلان عن إصدار الصكوك الذي تمت عن طريق البنك الأهلي الذي جمع ما لا يقل عن 11 مليار ريال، في حين أن الاكتتاب كان مقتصرا على أربعة مليارات ريال، الأمر الذي جعل الجهة المصدرة تزيد من قيمة الإصدار إلى خمسة مليارات بعد ملاحظتها الزيادة في حجم الطلب على هذه الصكوك، وهذا بلا شك يعطي مؤشرا على حجم الإقبال الكبير على الصكوك الإسلامية، ويعطي مؤشرا غير مباشر على زيادة الثقة بمثل هذا النوع من الاستثمارات مع العلم أن الصكوك حاليا وبسبب ارتفاع تسعير الوحدة الواحدة منها أصبح تداولها محصورا في الغالب بين المؤسسات المالية والشركات، بل تحتفظ هذه المؤسسات بالصكوك لفترة طويلة، وهذا ما قد يفسر ضعف التداول الذي يمتد لشهور، ويتحدث بعض المسؤولين في البنوك أن هناك طلبا كبيرا على الصكوك في هذه المرحلة، ويشهد لذلك أن إصدارات سابقة لهيئة الطيران المدني، وشركة الكهرباء وغيرها تشهد إقبالا كبيرا. الصكوك الإسلامية تشهد إقبالاً متزايداً ..و14 مليار ريال حجم الصكوك الإسلامية خلال الربع الأول من جهته قال مدير مركز التميز للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور صلاح الشلهوب "ونحن نشهد عودة من جديد في الإقبال على الاستثمار في الأسهم، تزيد الحاجة لمثل هذا النوع من الصكوك بسبب ضخامة السيولة في السوق السعودي، وتزايد حجم إعلانات البنوك بأسعار متدنية للربح لم تشهدها السوق التمويلية من قبل، بالإضافة إلى استمرار المشاريع الحكومية التنموية، ما انعكس على استمرار حجم السيولة في السوق، الأمر الذي انعكس بدوره وبشكل مباشر على ارتفاع أسعار العقارات والسلع والخدمات، على رغم أن هناك نوعا من الاستقرار لبعض السلع في الأسواق العالمية، إلا أنه لم ينعكس على أسعارها محليا، حيث تعتبر الصكوك من أهم البرامج لاستيعاب السيولة، خصوصاً أن الاقتصاد في المملكة ينمو بصورة مطردة ويشهد انفتاحا أكبر في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وهذا قد يزيد من حالة وفرة السيولة التي لا تجد لها فرصا كافية". وأوضح أنه مع تزايد قوة ونفوذ الأدوات الاستثمارية الإسلامية في العمليات المصرفية والاقتصادية المختلفة، برزت الصكوك الإسلامية كواحدة من أهم هذه الأدوات التي استطاعت أن تجد لها موطئ قدم في أسواق المال العالمية وتساهم بتوجيه الوفرة في السيولة، فقد تمكنت الصكوك الإسلامية من استقطاب أعداد كبيرة من المستثمرين من مختلف دول العالم، وليس في العالم الإسلامي فحسب، إذ أصبحت الصكوك الموازية للسندات في الاستثمار المصرفي التقليدي متاحة للجميع أفراداً وشركات وحكومات في دول أوروبا وآسيا وأمريكا، فخلال ثلاث سنوات بين عامي 2003 و2006 تم إصدار صكوك إسلامية تبلغ قيمتها نحو 40 مليار دولار من قبل بنوك ومؤسسات مالية في الشرق الأوسط وآسيا، وفي المملكة تحدثت دراسة عن تجاوز حجم التداول في الصكوك الإسلامية خلال الربع الأول من العام الحالي 2014 ما يقارب 13 مليار ريال، حيث ينظر كثير من المختصين إلى أن الصكوك الإسلامية هي البديل الإسلامي للسندات، مثلما أن المرابحة هي بديل للفائدة، وهي تصدر مقابل أصول، وغالباً ما تكون عقارية أو أصول أوراق مالية ذات عائد، والصكوك تكون على مدى متوسط أو بعيد. ولفت الشلهوب إلى أن الصكوك اليوم أصبحت من أكبر الأدوات جاذبية في منتجات التمويل الإسلامي، فأكثر الموضوعات إثارة للاهتمام في الأوساط المالية عند الحديث عن التمويل الإسلامي هو الصكوك الإسلامية بأنواعها وصورها المختلفة، ودورها في توفير منتج استثماري منخفض المخاطر يعزز من فرص التنمية في المجتمع ويربط بين الأصول والأوراق المالية بما يحقق نوعا من الضمانات لهذه الصكوك عند عجز الجهة المصدرة لها عن السداد، وهذا الارتباط بين الصكوك والأصول جعل ثقة بعض المستثمرين بها أكبر، علما أن خبراء الاقتصاد يرون ارتباط الاستثمارات بالأصول يزيد من حجم المخاطرة بسبب أن الأصول متذبذبة في الأسعار، مقارنة بالسندات، ولكن بعد الأزمة المالية وفقدان كثير من السندات قيمتها جعل الاهتمام ينصب بشكل أكبر على الصكوك كخيار آخر يمكن أن يسهم في إيجاد نوع من التنوع في الاستثمارات. واقترح الشلهوب أن يكون للحكومة برنامج لاستيعاب السيولة، وهذا سيخفف العبء عليها من جهة تكاليف المشاريع التنموية، وأيضا تكاليف دعم السلع الأساسية وبعض الخدمات، وذلك من خلال إصدار مجموعة من الصكوك تستوعب حجم السيولة الهائل في السوق، حيث يتم إدارة هذه السيولة بصورة تخفف العبء على الحكومة، ويمكن أن يستفاد من هذه الأموال بصورة لا تؤثر على النشاط في السوق وتتسبب في الزيادة في الأسعار، وبواحدة من الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة، التي تلقى قبولا من المستثمرين سواء المؤسسات أو الأفراد. وأضاف "الصكوك الإسلامية تعتبر من الأدوات التي يمكن أن تؤدي بعض الوظائف ومنها إدارة السيولة في السوق، ونظرا للحجم الكبير للسيولة الذي يمكن أن يتسبب في ارتفاع الأسعار، سواء في العقار أو الأسهم أو السلع عموما والخدمات فقد يكون من المناسب العمل على تعزيز إصدارات الصكوك من قبل المؤسسات الحكومية بغرض توفير فرص استثمارية للأفراد وتخفيف الضغط على الأسعار".مد سعد