"يجب أن يعرفوا أنهم ليسوا كل الأرض وبأن الأرض عليها نحن: نحن الشرق نصف الأرض".. أثناء غزو العراق مات ما يزيد على مليون طفل عراقي، مليون طفل بريء ماتوا دون سببٍ وجيه، ماتت وألغيت حضارة أيضاً، حضارة من أقدم حضارات التاريخ، وحقن نهري النيل والفرات ببقايا الأسلحة، الأسلحة الجرثومية التي تتكفل بنشر الوباء لعمر طويل من التاريخ، بجانب ذلك كله، العقول النابغة، العقول التي كان لها الدور العربي الرائد في نقل التعليم إلى محطات وعوالم أوسع، تلك العقول ماتت أيضاً، ماتت؟ لا لا، بل اغتيلت بشكل منظم، ليس هذا اتهاماً مجحفاً في حق الغرب على الإطلاق، بل إن القائمة التالية تصرخ في وجه من يقول غير ذلك: الأستاذ الدكتور محمد عبدالله الراوي: رئيس جامعة بغداد. الدكتور صباح محمود الربيعي: عميد كلية التربية في الجامعة المستنصرية وعميد معهد الدراسات الافرو آسيوية. الدكتور عزيز علي: عميد كلية حقوق ورئيس جمعية الهلال الأحمر. الدكتور فلاح علي الدليمي: معاون عميد كلية العلوم - الجامعة المستنصرية. الدكتور محمد علي جواد الجشعمي: عميد كلية القانون في الجامعة المستنصرية. الأستاذ الدكتور عبد اللطيف المياح: عميد معهد الدراسات السياسية في الجامعة المستنصرية. د. نافع عبود، جامعة بغداد د. صبري البياتي، جامعة بغداد د. حسام شريف، جامعة بغداد 10. د. وجيه محجوب، عميد كلية التربية سابقاً، الجامعة المستنصرية د. عبد الجبار مصطفى، رئيس قسم، جامعة الموصل د. ليلى عبدالجبار، عميدة كلية القانون، جامعة الموصل د. عبدالحسين جابوك، جامعة بغداد التربوي فاضل إطراد اليساري: كربلاء، مدير مدرسة. التربوي جميل عبود البيضاني: مدير مدرسة. التربوي نجم كربول اليساري: مدير إعدادية صناعة في كربلاء. الدكتور عبدالرحمن سعيد سالم: أستاذ جامعي. الدكتور حافظ الحافظ: طبيب أطفال. الدكتور سعد الوتري: أحد أشهر أطباء جراحة الأعصاب والجملة العصبية. الدكتور حسين ياسين: عالم فيزياء. بل أكثر من 2000 عالم عراقي وأكاديمي اغتيل!!! فلسطين، فلسطين أيضاً، أرض الأنبياء والرسالات تنتهك دون أن يكون لشعبها أدنى حق في المقاومة أو الدفاع عن النفس، فلسطين التي خذلها المجتمع الدولي، التي خذلها عامة العرب، التي خذلتها تلك الأحزاب الرافعة منذ سنوات طوال شعارات الممانعة والمقاومة، فلسطين التي تحمل في بطنها القدس أجمل مدن التاريخ والتي قال عنها نزار: يا قُدسُ، يا مدينة تفوح أنبياء يا أقصر الدروبِ بين الأرضِ والسماء يا قدسُ، يا منارةَ الشرائع يا طفلةً جميلةً محروقةَ الأصابع حزينةٌ عيناكِ، يا مدينةَ البتول يا واحةً ظليلةً مرَّ بها الرسول حزينةٌ حجارةُ الشوارع حزينةٌ مآذنُ الجوامع يا قُدس، يا جميلةً تلتفُّ بالسواد من يقرعُ الأجراسَ في كنيسةِ القيامة؟ صبيحةَ الآحاد.. من يحملُ الألعابَ للأولاد؟ في ليلةِ الميلاد.. يا قدسُ، يا مدينةَ الأحزان يا دمعةً كبيرةً تجولُ في الأجفان من يوقفُ العدوان؟ عليكِ، يا لؤلؤةَ الأديان من يغسل الدماءَ عن حجارةِ الجدران؟ من ينقذُ الإنجيل؟ من ينقذُ القرآن؟ فلسطين منذ ما يزيد على نصف قرن لم تعد بريئة ولا جميلة كما قال نزار، لقد أصبحت جافة، هزيلة، باردة، جائعة دون أن يمتلك أيُ أحدٍ الجرأة ليطعمها ويسقيها بدمه أو بدعائه، يأتي بعد كل هذا، بعد كل هذا الدمار والموت واغتصاب النساء والرجال في السجون -غونتانموا إنموذجاً- كتاب الزميل علي عبود عسيري موثقاً كل هذه الحوادث، عارضاً تاريخ هذا الغرب وفعله الدموي، قائلاً بلسان الحقائق والتاريخ كل ما فعله الغرب فينا، وكأنه بذلك يؤكد قول شاعر البؤساء محمد الماغوط الذي وصف هذا الطغيان بقوله: لقد أعطونا الساعات وأخذوا الزمن.. أعطونا الأحذية وأخذوا الطرقات.. أعطونا البرلمانات وأخذوا الحرية.. أعطونا السماد الكيماوي وأخذوا الربيع.. أعطونا الحراس والأقفال وأخذوا الزمن! إن كتاب الزميل عسيري يمثل قراءة للفكر الغربي الأيدلوجي تجاه الشرق بصفته محوراً للاصطدام لا بصفته جانباً بشرياً يستحق العيش بكامل الحرية، إنه قراءة معرفية ابتسمولوجية للفكر الغربي، إنه يعرض أبرز رؤى القيادات السياسية هنالك نحونا، وتحليلها تحليلاً تفكيكاً دقيقاً يهدف إلى الوصول للمعطى الحقيقي لمعنى الشرق في الذهنية الغربية، حيث وقع الكتاب في قرابة 300 صفحة، معتمداً فيها المؤلف على ما يقارب 200 مرجع، كانت في أغلبها من الإنتاج المعرفي الغربي، ليكونوا هم الشاهد على جناياتهم، رغم أن أجسادنا هي الضحية دائماً!.