مما لا شك فيه ان أي متتبع لأحداث المنطقة ولا سيما خلال السنوات الثلاث الاخيرة، والهزات التي شهدتها دول ما يسمى ب"الربيع العربي"، يدرك ببساطة مدى حجم وتأثير هذه الهزات الكبيرة ليس على الدول ذاتها التي كانت مسرحاً فقط، بل إنما على المستوى الاقليمي، إذ حملت ثورات "الربيع العربي" معها الكثير من التناقضات والتداعيات الخطيرة، مثل استشراء ظاهرة الارهاب والعنف المرافق للحراك الشعبي العربي، وركوب القوى الدينية المتطرفة موجة الحراك الشعبي للوصول الى أهداف ربما تختلف عن أجندات الشعوب وأولوياتها، خاصة وأن الارهاب والتطرف لا يعرف حدوداً بعينها، وليس له وطن أو هوية أو حدود جغرافية. ولو عدنا قليلا إلى السنوات الماضية التي سبقت ما يسمى بالربيع العربي لوجدنا كيف ان المملكة العربية السعودية، بقيادتها المتبصرة للامور استطاعت أن تستشرف المستقبل باكراً، عبر الدعوة للتسامح وحوار الاديان ونبذ العنف والتعصب التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين، وكأنه بهذه الكاريزما القيادية الفذة يتمعن ويقرأ المستقبل من خلال المعطيات الحاضرة فيبحث عن الحلول للمشكلات قبل ولادتها. ولعل من المهم ونافل القول، أن نذكر هنا بان موقع المملكة العربية السعودية عربيا وإقليميا ودينيا، يجعل منها أن تكون محط أنظار العالم وبوصلة لرسم خارطة الطريق في أي حدث وتوازن واستقرار في هذه المنطقة، ولذلك جاءت الكثير من القرارات السياسية الأخيرة للمملكة، والتي على رأسها تجريم الارهاب وتعريته وتشديد العقوبات على المشاركين في الإرهاب في أية ساحة مهما كانت، وكذلك بعض التغييرات التي شهدتها المملكة تثبت ما يمكن تسميته بالضربة الاستباقية لمنهج الارهاب وخطورته وفلسفته قبل استشرائه وانتشار خطره. ومن يتمعن في السياسات الاعلامية الحديثة التي تنتهجها العديد من وسائل الاعلام السعودي مؤخراً، يلمس بدون أدنى عناء، مدى التناغم الكبير بين السياسة الواعية المتبصرة لخادم الحرمين والقيادة السعودية، وبين وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام السعودي الجديد، بحيث تعكس قلق المجتمع الكبير من آفة التطرف والارهاب والعنف والغلو، والعمل على مواجهته وتجفيف منابع بئرالإرهاب، حيث أبلت وسائل الاعلام المرئي والمكتوب والمسموع في المملكة بلاء لافتاً حسناً، ليس في محاربة الارهاب وفضحه وتعريته وتفنيد حججه وحسب، وإنما في رفع درجة سقف الحرية ومستوى الوعي لدى المشاهد والمتابع، وتبيان المخاطر الحقيقية التي يحملها الفكر الارهابي المتطرف المنغلق، وتأتي بها الممارسات العدوانية. ولان المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين راعي التنوير والتجديد والنهضة العلمية، كانت دائما السياج وخط الامان الاول للدفاع عن المنطقة والاسلام الحقيقي المنفتح المتسامح، فانه ليس من الغرابة أن تتصدر المملكة حملة مواجهة الارهاب والتطرف، الذي بدأ يستشري ويمتد طوليا وعاموديا في أكثر من مكان، لا بل واقترب من شواطئ الخليج العربي، وطبيعي في هذه الحالة أن يلعب الاعلام السعودي دوراً مهماً ومؤثرا في هذه المواجة المفتوحة بين الفكر الارهابي والارهابيين وبين المجتمع والدولة. وقد لاحظنا بث برامج تثقيفية وتوعوية ناقدة بجرأة غير مسبوقة في تاريخ السعودية والمنطقة كاللقاءات مع المساجين والموقوفين والمحكومين الذين يحملون افكارا إرهابية متطرفة وإعطائهم مساحات واسعة لتبيان مواقفهم المتشددة والمنحرفة، حتى وان مست ببعض الخطوط التي كنا نسميها "حمراء"، وهذا ما ظهر في العديد من البرامج التي لاقت اهتماما كبيرا من قبل الجمهور والمتابعين من أصحاب الشأن، فسرت ناظر الصديق واغضبت العدو. برامج إعلامية يصح القول فيها إنها مثلت ثورة حقيقية على المألوف وحركت السكون وكشفت المسكوت عنه، وانطلاقة مهمة في طريق إعلام واع ومسؤول يقدر حجم المسؤولية، ويقيس الامور بواقعية وشفافية نادرة، بحيث يقدم للجمهور الفوائد الجمة التي تفتح عينيه على مخاطر الارهاب والارهابيين ويرشد النشء الى طريق الصواب ويبعد الشباب عن مخاطر ومسالك الضلال والارهاب الاعمى. ولذلك يصح القول إن المملكة تمارس الآن عبر قيادتها ومؤسساتها السيادية والاعلامية المختلفة دور المصد الصلب والجدار المتين أمام هذه الافكار الغوغائية المتطرفة لدحرها والقضاء عليها وتفنيد مزاعمها وتفكيك خلاياها واجتثاث خطورتها قبل ان توغل وتتمكن من الشعوب والمجتمعات في هذه المنطقة. مانريده من إعلامنا السعودي اليوم التصدي لهذه الآفه الخطيرة والأفكار الهدامة، من خلال منظومة إعلامية وأجندة تحمل طرحا إعلاميا متميزا شفافا، يضمن الشمولية والفاعلية والدور والتأثير، لتحقيق أعلى مستوى إعلامي منفتح بمعايير عالمية متسلحاً بالتقنية الحديثة، يضمن الشمولية والفاعلية لتحقيق أعلى مستوى من الطرح الشفاف، لتعزيز طموح ومنهج قائد الوطن -حفظه الله- وهذا أقل شيء نقدمه لوطننا العزيز قبلة العالم ومصدر إلهام إشعاع الكون. وكل ذكرى مبايعة والوطن وقائده بألف خير..