كشف استبيان حديث عن أن 51% من الشركات في المملكة لديها نقص في المهارات المتخصصة في تقنية المعلومات والاتصالات، ويعتبر هذا الأمر من أهم التحديات التي تواجهها هذه الشركات، وتشير التقارير أيضاً إلى أن هذه المشكلة ستتعاظم أكثر خلال السنوات القليلة المقبلة. وأشارت التقارير التي كشفتها شركة IDC المتخصصة بأبحاث السوق على أنه على الشركات التي تعمل في أسواق أوروبا وأمريكا مواجهة تحديات في العثور على هذه المهارات المتخصصة في سوق تقنية المعلومات والاتصالات، وأيضاً ستتفاقم المشكلة في السوق بشكل كبير. وتشير الشركة إلى أن المشكلة تكمن في انخفاض عدد الخريجين المحليين في مجال تقنية المعلومات، في ظل الزيادة المستمرة في عدد الوظائف الشاغرة في مجالات تقنية مختلفة منها مجالات أمن المعلومات والحوسبة السحابية وتحليل البيانات الكبيرة، بالإضافة إلى مستويات المهارات لدى المتخصصين في تقنية المعلومات. ويشير التقرير إلى أن المملكة تعاني بشدة من قلة أصحاب المهارات في المجالات التقنية، في ظل تزايد الاعتماد على التقنية سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، ويضيف التقرير إلى أن الطلب على المهارات المتخصصة في تقنية المعلومات سيتزايد بشكل مستمر مع زيادة الإنفاق على تقنية المعلومات وتنوع الاستثمارات وتطوير البنية التحتية للاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة، وهذا سيؤدي إلى تزايد الصعوبات في الحصول على مختصين في المجالات التقنية المختلفة، مما سيؤدي إلى الإخلال بمبادرات التوطين وسياسات السعودة، ولجوء الشركات إلى التعاقد مع مختصين من خارج المملكة. وتضيف تركيبة العمالة في المملكة مزيداً من التعقيد على الأمر. وبالنظر إلى الاعتماد التقليدي على العمالة الوافدة -خصوصاً في القطاع الخاص- فإن تأثير سياسات السعودة، مثل برنامج "نطاقات"، يصبح أكثر وضوحاً مع الصعوبات التي تواجهها الشركات في توظيف وتدريب المتخصصين في تقنية المعلومات والاتصالات، والمحافظة عليهم. ويشير التقرير إلى أن النقص في المهارات التقنية سيؤثر على الشركات بطرق متعددة من أهمها طول دورات التوظيف وزيادة تكاليف التدريب وارتفاع التكاليف التشغيلية، بالإضافة إلى عدم تناسب مهارات من تم تعيينهم مع متطلبات الوظائف التي يشغلونها، ويعد تأخر إطلاق المشاريع من أهم وأبرز الاسباب التي يعكسها غياب مختصي تقنية المعلومات في السوق المحلي، مما يؤدي إلى خسارة الشركات لفرص عديدة أهمها عدم الاستفادة من أحدث التطورات التقنية. ومن وجهة نظر أخرى يتطرق التقرير إلى الحلول التي تتخذها الشركات للتغلب على نقص الكوادر في المجالات التقنية، ومن أهم هذه الحلول هو البحث عند مقدم خدمة خارجي، وهي بذلك إن وجدت حل للإشكالية التي تواجهها إلا أنها تبقى في دائرة الخطر، وبلا شك فالشركات الصغيرة والمتوسطة تبقى من أكبر المتضررين من نقص الكوادر التقنية نظراً لعدد من التحديات من أهمها عدم قدرتها على تقديم عوائد وحوافز مغرية في سوق الوظائف الذي يشهد تنافسية عالية، وأيضاً عدم مقدرة هذه الشركات على تحمل الآثار المالية المترتبة على ذلك. وأشار التقرير أيضاً إلى أهمية أن تتحرك شركات تقنية المعلومات في المملكة من أجل تلبية احتياجات السوق وذلك من خلال افتتاح مكاتب محلية لها، وزيادة قوة العلاقات مع الزبائن، مع الإشارة إلى أن ذلك من شأنه أن يضيف عبئا جديدا على الهيكل التشغيلي للشركات ويؤدي إلى زيادة الإنفاق. وأشار التقرير إلى أن الانفتاح للاستفادة من مقدمي الخدمات الخارجيين يؤدي إلى نمو الشركات المحلية وأيضاً من الممكن أن يؤدي إلى دخول شركات خارجية للمنافسة في السوق المحلي وهذا يؤدي إلى نجاحها بسبب وجود مختصين غير محليين وقوى عاملة رخيصة. وللتغلب على هذه الإشكالات التي تعطل عجلة التنمية ينبغي على الجامعات السعودية زيادة عدد الخريجين في مجالات التقنية المختلفة بالإضافة إلى ضرورة أن تهتم أكثر بهذه النواحي مؤسسة التدريب الفني والتعليم التقني من خلال تكريس الجهود لرفع كفاءة مخرجات التعليم والتدريب وخاصة في الجانب التقني. وتعتقد "أي دي سي" في تقريرها إلى أن الفجوة في المهارات المتخصصة تكشف حالياً عن تحديات وظيفية وتشغيلية ومالية عديدة أمام الشركات ومقدمي الخدمة في المملكة، وتتوقع أن يستمر ذلك في المدى القصير، ليترك آثاراً سلبية على المشاريع والأداء والنمو، أما على المدى المتوسط فترى الشركة أن المملكة ستشهد زيادة في كم ونوع الكوادر الوطنية المتخصصة في مجال تقنية المعلومات، وهو ما سيساعد على استقرار سوق الوظائف بالنسبة للمتخصصين في تقنية المعلومات والاتصالات.