تباينت ردود عدد من العاملين في مجال التوظيف في مجال تقنية المعلومات وعدد من المتخصصين الأكاديميين في نفس المجال حول تأهيل خريجي الجامعات والكليات المتخصصة بتقنية المعلومات ففي الوقت الذي يرى الأكاديميون أن النقص الذي يتم الحديث عنه دائماً من قبل مسؤولي التوظيف هو في عدد الخريجين الضعيف مقارنة بالاحتياج الفعلي المتزايد سنوياً، يرى في الجهة المقابلة مسؤولو تقنية المعلومات في القطاع أن هناك عدم توافق بين مخرجات التعليم والتأهيل مع ما يتطلبه السوق، ووفقاً لتقرير هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات المنشورة 2009 فقد ركز على مدى توفر مهارات تقنية المعلومات والتحديثات التي تواجه ذلك القطاع والفجوة والنقص والقدرات السعودية المتوفرة. العوهلي: المخرجات التعليمية في المملكة تضخ 3000 خريج متخصص في التقنية سنوياً "الرياض" حاولت بدورها أخذ الآراء للوقوف حول مستقبل العاملين في مجال تقنية المعلومات في المملكة من مجموعة من العاملين مباشرة مع الأيادي العاملة من الأكاديمين ومسؤولي التوظيف. الخريجون والفرص بداية تحدث الدكتور يوسف العوهلي عميد عمادة التعاملات الإلكترونية و الاتصالات في جامعة الملك سعود حول النقص المهاري وذكر بأن ما يطرح لا يقصد به نقص الكفاءة وإنما النقص العددي من ذوي التخصصات التقنية فالجامعات والكليات تخرج سنوياً قرابة 3000 متخصص في الوقت الذي يحتاج فيه سوق العمل لثلاثين ألف ومع افتراض إتقانهم فإن هناك مشكلة أخرى هي نمو معدل الطلب على سوق العمل لدينا، الذي يزداد بسرعة حتى مع نمو أعداد الخريجين، وبحسب بعض المختصين فإن النقص في الكفاءة النوعية هو أمر محدود ويستدعي تدريبا إضافيا لمدة قصيرة قبل بدأ العمل. وحول عدد المصادر المخرجة للأيدي العاملة في هذا المجال يذكر العوهلي بأن عدد الكليات التقنية على وجه التقريب قرابة 30 كلية تختص بتقنية المعلومات تنتمي لجامعات وكليات حكومية وأهلية، تدرس قرابة 25 الف، ويضاف لها قرابة 40 مؤسسة تعليمية تقدم برامج دبلوم في تقنيات الحاسب للطلاب والطالبات. ونبه العوهلي إلى ضرورة تفعيل دور المرأة لتجاوز عقبة الشح في المهارات البشرية في سوق العمل وخلف فرص عمل تستوعب تلك الطاقة وفق الضوابط التي ترتضيها المرأة لنفسها دون المساس بثقافتها وقناعاتها. الهليل: برنامج واحد للاحترافية في العمل لا يكفي لسوق مرشح لإنفاق 46 مليار ريال في 2015 المخرجات والعمل تختلف مع هذا الرأي مديرة جذب الاستثمار في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في الهيئة العامة للاستثمار جيهان العتيبي، فترى بأن من أكبر المشاكل لجلب وتوطين التقنية في السعودية يعود إلى عدم توافق مخرجات التعليم والتأهيل الفني والتقني مع احتياجات السوق، فالبرامج والمناهج ينبغي أن تصمم على احتياجات المستثمرين في القطاع وليس كما هو الحال الآن، فالسوق يوجد به عدد من الخريجين بمواصفات وقدرات لا تفي باحتياجات السوق مما يعني أنها لا تضيف للسوق، وتقترح العتيبي على الكليات والمعاهد أن تقوم بالشراكة مع شركات عالمية في مجال التقنية لتبني مع بعضها البعض المناهج الدراسية لتأهيل الخريج. وأشارت العتيبي إلى أن وجود جامعة كاوست ومشروع كادر المدن الاقتصادية التأهيلي سيسهم في إيجاد هذه النوعية من المؤهلين، وكذلك يوجد بعض المبادرات من قبل الشركات الكبرى حالياً لتوفير فرص التدريب كنوع من الشراكة المجتمعية، ومتى ما وجد الاستثمار الأجنبي فرصاً لمشاريع مجدية وقيمة اقتصادية عالية فهو قادر على خلق فرص ومستعد لتأهيلها ورفع مستواها، فعلى سبيل المثال نسبة السعودية في الاستثمار الأجنبي تبلغ 27% مقابل 9.9% للمنشآت السعودية. عبدالعزيز الهليل حافز "لا" نملك إحصائية دقيقة حتى الآن مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية إبراهيم المعيقل ذكر بأنه حتى الآن لا يتوفر عدد دقيق لطالبي العامل الجادين من المؤهلين وحتى غير المؤهلين في مجال تقنية المعلومات حتى نتعرف على الفجوة بين العرض والطلب، لكن سيتوفر هذا العدد قريباً بعد استكمال كامل البيانات ومن ثم ستتم مقارنته مع برنامج نطاقات الذي أطلقته وزارة العمل سابقاً كلبنة أساسية لبناء سوق عمل منظم. وأشار المعيقل إلى أن هناك دوراً مهماً مناطاً بهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات فهي في مقدمة الجهات المنظمة لهذا القطاع المهم وجميع المبادرات في هذا سيتم التنسيق مع جهات أخرى كوزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية. الكوادر المؤهلة "نادرة" يرجع المهندس عبدالعزيز الهليل مدير عام IDC السعودية المشكلة إلى صعوبة وجود الكوادر المؤهلة إن كانت سعودية أو عربية أو حتى أجنبية، وبحسب دراسة قامت بها idc في السعودية أن أكثر من 65% من الرؤساء التنفيذيين لإدارة تقنية المعلومات يرون أن قضايا الموظفين من توظيف وتطوير أهم التحديات الحالية، وهذا سبب لتوجه الشركات الآن لإعطاء مشاريعها التقنية إلى شركات أخرى خصوصاً فيما يتعلق بالدعم والتركيبات، يسرع في ذلك محاولاتهم لتقليل الإنفاق، وتسببت صعوبة إيجاد الكوادر التقنية في أنفاق الشركات لأكثر من 266 مليون دولار فقط خلال العام 2010، وهو بازدياد سنوي، وهنا لا نهمل ايجابية تذكرها التقارير الرسمية كون الاستعانة بتلك الشركات الخارجية لتنفيذ المشاريع التقنية كانت من العوامل المساعدة على تطوير الاقتصاد، وساعد في تخفيف مشاكل عدم وجود الكوادر المؤهلة، إلا أن المشكلة تعود هنا إلى جودة العمل التي تقدمه هذه الشركات فالأكثرية منها إما صغيرة أو متوسطة. ومما يحسب لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إطلاقها لبرنامج تحفيز المعني بمساعدة الشركات للوصول إلى مستوى الاحترافية في العمل، إلا أن برنامج واحد لا يكفي لحجم سوق مثل السعودي مرشح لإنفاق 46 مليار ريال في عام 2015 من 27 ملياراً تم انفاقها 2010، وهذه الزيادة مؤشر واضح للحاجة الكبيرة للكوادر، وهذا يفتح السوق لأن يكون أكبر حتى من سيطرة الشركات الكبرى فقط ، فالشركات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في مجالات معينة أصبحت أقدر، وهناك من العاملين في الشركات الكبرى استقال أسس عمله الخاص بعد ان استطاع كسب المهارة وثقة العميل. فئة الهواة والسوق وحول وجود فئة كبيرة من غير المتخصصين أكاديمياً من الهواة وبعض الدخيلين الباحثين عن فرص في مجال تقنية المعلومات في السوق يثبت الدكتور العوهلي وجود هذه الفئة على مستوى العالم، والبقاء في مثل هذا النوع من الاستثمار يكون لمن يتحلى بالإصرار والصبر والإتقان، ولديه كفاءة تميزه عن غيره، والحقيقة أن السوق قد استفاد منهم في تقليص الحاجة الماسة التي يعانيها السوق، وهذا ما تنبهت له الخطة الوطنية وجعلت من أعمالها تأهيل الشباب السعودي وإعادة تأهيل من يرغب من ذوي التخصصات المختلفة، والمسألة تبدأ من الفرد الذي يملك قناعة تدفعه من قضاء وقت مناسب لتنمية هوايته إلى احتراف يدخله ساحة المنافسة. ويذهب المهندس عبدالعزيز الهليل إلى أن الشهادة ليست كل شيء، السوق يتساءل ما هي خبراتك وإنجازاتك وقدراتك، وهو فعلاً ما أثبته بعض الهواة في السوق متفوقين بذلك على اصحاب الشهادات وعددهم ليس محصوراً فهم في زيادة، ويمكن التعرف عليهم من خلال الملتقيات التقنية، وإبداعاتهم من خلال الإنترنت، وهؤلاء من الممكن إعادة تهيئتهم فيما يحتاجه السوق ومن ثم ضخهم مرة أخرى. من جهته يؤكد إبراهيم المعيقل أنه لا يوجد حتى الآن بيانات دقيقة عن عدد العاملين غير المؤهلين في القطاع الخاص في مجال تقنية المعلومات، وقد نجدهم أكثر في خدمات صيانة الهواتف والأجهزة المحمولة وبصفة غير نظامية، وهؤلاء يجب التصدي لهم، فممارساتهم قد تكلف المستفيد مبالغ طائلة دون جدوى، وعلى الجهات المرخصة للممارسين التأكد من تأهيلهم للعمل في هذا المجال فاستمرار أمثالهم ستقلص من الاحتياج للقوى العاملة السعودية المؤهلة وتفوت الفرصة عليها في اكتساب الخبرة. المبادرات الحكومية ودعمها للتقنية ترى جيهان العتيبي أن فترة الانتعاش الاقتصادي وملاحظة كثافة المصروفات في البنى التحتية وقد شملت بالطبع البنية التقنية سيميز المملكة بقاعدة اقتصادية خاصة، وخلال السنوات الخمس الماضية فقط دخلت للسوق السعودية أسماء كبرى أجنبية للاستثمار في قطاع التقنية، ولا ننسى ان قطاع التقنية بالذات يخدم أغلب القطاعات المحركة للاقتصاد في البلد سواء كانت في المجال التعليمي أو الصحة أو الطاقة أو غيرها، يدعمها بالطبع إلزام مختلف الجهات بتطبيق خدمات الحكومة الإلكترونية. ويضيف الدكتور يوسف العوهلي أن التركيز على مشاريع التقنية ليس مقصوداً لذاته، ولكن من يبحث عن الإتقان فسيلجأ للتقنية، وهذا ندركه بالفرق بين مستوى خدمة نتلقاها من جهة تعتمد على التقنيات الحديثة وأخرى تعتمد على وسائلها التقليدية كوسيلة للبقاء والمنافسة في حد ظنها. أما المهندس عبدالعزيز الهليل فيضرب مثالاً باستقبال الطلبات للبرامج المقدمة كحافز وصندوق التنمية العقارية وقدرتها في استقبال ملايين الطلبات، فلو لم تستخدم التقنية لاحتجنا إلى وقت كبير لاستقبال تلك الطلبات، كما ان هناك مبادرات حكومية ساهمت في دفع مسيرة التقدم في المملكة كيسّر ومركز المعلومات الوطني، وقد تصل المملكة إلى نجاحات كبيرة لكن سنحتاج إلى رؤساء لديهم رؤية واضحة للسوق خوفاً من الاعتماد على شركات هزيلة أو تقنيات قديمة وصرف أموال غير مبررة.