يتشكل في الجزائر منذ الإعلان عن نتائج رئاسيات 17 أبريل التي فاز بها الرئيس بوتفليقة بنسبة 81.49 % و هي النسبة النهاية الرسمية التي أعلن عنها المجلس الدستوري، قطب جديد للمعارضة ما ينفّك يتوسع يقترح نفسه قوة ضغط سياسية جديدة من أجل فرض التغيير السلس والسلمي للنظام انخرطت فيه شخصيات سياسية ثقيلة من رؤساء حكومات سابقين ومترشحين للرئاسيات. ويتعلق الأمر ب "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" التي كانت تسمّى خلال حملة الرئاسة ب "تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للرئاسيات" التي تضم 4 أحزاب إسلامية وهي (حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير والعدالة وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني) إلى جانب الحزبين الديمقراطيين (التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وجيل جديد) والمترشح السابق للرئاسيات ورئيس الحكومة الأسبق الدكتور أحمد بن بيتور. وكانت التنسيقية أول أمرها مجرد إطار سياسي، عارض المنخرطون فيه ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة ودعا إلى المقاطعة قبل أن يتطور خطابها وتدعو إلى تغيير النظام وتنخرط مع جهود الشباب الذي خرج إلى الشارع وتنظمّ وقفة احتجاجية قمعها الأمن وتجمعا شعبيا كبيرا في قاعة حرشة للفت انتباه المراقبين. وتُجري التنسيقية حاليا عشية التحضير ل "الندوة الوطنية للانتقال الديمقراطي" لقاءات مع شخصيات هامة سبق وأن خرجت عن صمتها في أوج الحملة الانتخابية لتعلن رفضها العهدة الرافضة وتدعو إلى تغيير النظام على غرار رؤساء الحكومات السابقين سيد أحمد غزالي ومولود حمروش وتعتزم اللقاء في الأيام القليلة المقبلة مع الخاسر في رئاسيات 2014 علي بن فليس، غريم الرئيس بوتفليقة ورئيس حكومته الاسبق، وشيخ الحقوقيين الجزائريين علي يحيى عبدالنور ( 93 سنة ) الذي سبق وأن أصدر رفقة وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس رسالة يرفضون فيها ترشح بوتفليقة للرابعة ويدعون إلى ضرورة التغيير وتسليم المشعل لجيل الشباب. ومن المنتظر أن تتوسع اللقاءت لتشمل قيادات في الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي دعا رقمها الأول الشيخ عباسي مدني أنصاره والجزائريين إلى مقاطعة الرئاسيات واصفا إياها ب "المهزلة الانتخابية" حيث تسعى التنسيقية للحصول على قدر كبير من الدعم السياسي من شخصيات لها وزنها السياسي قبيل تنصيب لجنة تحضير الندوة الوطنية للإنتقال الديمقراطي. ويعتقد الفاعلون في القطب الجديد أن وجوده أكثر من مشروع في وقت أظهرت النتائج النهائية الرسمية للرئاسيات أن نصف الناخبين الجزائريين لم يتوجهوا إلى الصناديق ( 10 ملايين ناخب من مجموع 22 مليون ناخب ) بنسبة مشاركة 50.70 % فيما وصلت في رئاسيات 2009 حدود 74 % ما يعني أن قطاعا واسعا من الجزائريين يرفضون الوضع القائم ويرغبون في التغيير السلمي بعيدا عن إراقة الدماء ما يفسّر إلى حد ما رفضهم الخروج بقوة إلى الشارع والنظر بعين الريبة، والتوجس من ثورات الربيع العربي التي شهدتها دول الجوار القريب. و قبالة هذا القطب السياسي المعارض يرتقب الملاحظون ما سيقوله الرئيس بوتفليقة في الخطاب الذي سيوجهه للجزائريين مباشرة بعد تأدية اليمين الدستورية المقررة مثلما كشفت مصادر مؤكدة يوم 28 أبريل الجاري وقال بيان رئاسي أعقب الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات الرئاسية من قبل المجلس الدستوري أن رئيس الجمهورية "سيتوجه إلى الشعب الجزائري خلال أيام وبإسهاب لتجديد التزاماته والحديث عن مسعى التشييد الوطني الذي هو عازم على المضي فيه" وهذا في وقت ما يزال يصّر خصمه العنيد "علي بن فليس" الخارج من الرئاسيات بأن "أصواته قد اغتصبت" وأنه هو الفائز المعنوي والسياسي فيها بل ويعتزم إصدار ما أسماه "الكتاب الأبيض" يكشف عن تفاصيله إلى الصحافة والشعب الجزائري في القريب العاجل، ويقول إنه بمثابة تقرير بالدلائل حول عمليات التزوير التي طالت الانتخابات في عدد من الحافظات. و من المرتقب أن يتحدث الرئيس بوتفليقة عن جملة من المسائل السياسية والدستورية التي تثير النقاش حاليا في الساحة على رأسها تعديل الدستور الحالي، الذي سبق لبوتفليقة أن عدّله العام 2008.