جميعنا يعرف قصة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - الذي كان يخطب بالناس ثم توقف فجأة وقال: "يا سارية بن حصن.. الجبل الجبل ومن استرعى الذنب ظلم" . ولم يفهم المصلون معنى كلامه حتى سأله علي بن أبي طالب: ما هذا الذي ناديت به ؟ قال: أوسمعته؟ قال: نعم أنا وكل من في المسجد. قال عمر: وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا (بقيادة سارية بن حصن ) وانهم يمرون بجبل فإن احتموا به ظفروا وإن جاوزوه هلكوا فخرج مني هذا الكلام. وبعد شهر جاء البشير من جيش سارية وأخبرهم أنهم في ذلك اليوم سمعوا صوت عمر يقول: يا سارية بن حصن الجبل، الجبل، فعدلنا إليه ففتح الله علينا!! هذه الموهبة قد تكون نادرة أو اسثنائية، ولكنها ليست فريدة كما نظن وقد تكون حصلت معك دون أن تدري.. فقد حفظ لنا التاريخ قصصاً عجيبة عن أشخاص سمعوا (بل وشاهدوا) أشياء من مسافات بعيدة في لحظة نعاس أو تأمل أو سرحان عميق. وهي موهبة تختلف عن الحاستين العاديتين للسمع والبصر ولها علاقة ب(شيء) مثل الرؤيا أو البصيرة والإحساس الخارق... .. وبالإضافة لقصة عمر هناك قصة الخليفة المعتصم الذي غزا الروم وفتح عمورية انتصاراً لامرأة عربية؛ فقد هجم ملك الروم نوفيل على مدينة تدعى زبطرة وسبى امرأة صاحت (وامعتصماه). ومن فوره قام المعتصم فجهز الجيوش وسأل عن أعز مدن الروم فقالوا له إن عمورية لم يتعرض لها أحد منذ الإسلام وهي أشرف عندهم من القسطنطينية.. المهم هنا أن بعض الروايات تقول إن المعتصم سمع صرخة المرأة (في رأسه) فقام فزعاً من مجلسه وصاح من ساعته النفير النفير(... وكم صرخة لم تلاق نخوة المعتصم)!! أما في عصرنا الحديث فهناك فتاة كندية تدعى كلاريسا جونسون تملك حاسة سمع خارقة.. وقد اكتشف أهلها هذه الموهبة منذ طفولتها حين كانوا يتحدثون عنها فتأتي لتستطلع الخبر. وتقول والدتها باترشيا جونسون: في إحدى المرات أرسلتها إلى محل الخضروات ونسيت أن أطلب الطماطم فناديتها فقلت لنفسي بصوت عادي "لم أخبرك يا كلاريسا أن تحضري بعض الطماطم" ففوجئت بأن أحضرتها معها.. ويقول والدها بوردين: ذات يوم كنت في المزرعة فسقطت من التراكتور فكسرت رجلي. وحينها تذكرت موهبة كلاريسا فناديتها بصوت ضعيف فأخبرت والدتها فحضرت وأخذتني إلى المستشفى.. ورغم هذا لا تدعي الفتاة أنها تسمع الأصوات التي تأتي من بعيد؛ ولكنها حسب تعبيرها تلتقط في ذهنها النداءات الموجهة إليها فقط!! ... وكنت قد قلت في بداية المقال أن حالة كهذه قد تحدث معك دون أن تدري كون معظم لحظات الإلهام والإحساس الغامض لدينا تترافق مع شعورنا بسماع أصوات تهتف في أدمغتنا.. فمن عجائب الدماغ قدرته على خلق الأصوات ورؤية الأشياء دون الحاجة لإذن أو عين (بدليل رؤية وسماع أحداث كثيرة أثناء نومنا).. وفي لحظات النعاس أو الإلهام قد تختلط عليك الحال فتعتقد أنك تسمع أصواتاً مسموعة (يتم التقاطها بواسطة الأذن) في حين أن العقل فبركها أو ربما التقطها من مصدر خارجي بحيث لا يسمعها أحد سواك... في هذه الحالة تكون أحد شخصين؛ إما أن تكون رجلاً ملهماً، أو رجلاً مصاباً بالهلوسة..