للسؤال أن يتشبث بروحي أكثر، لترتوي اللغات، أو لتزداد الشمس إيقاعاً.. أحرقتُ حواسي في القصيدة، فسبحتْ حدوسي بعيداً، حتى غاصَ الكونُ في الكون، ولم يعُدْ يُرى من الوجود سوى غيابٍ يتكاثف في الغياب.. تخليتُ عن الشكوك للعشب، ومضيتُ إلى أعماقي، لأقابل بصيرتي، وأموجَ مثل الرؤى التائهة في البراري.. هواجسي أشواكٌ، نملاتٌ، ونحلاتٌ، والحُمّى مثل نجمٍ قيد الانكماش، تتلصص على الكشف، فتضيعُ آثارُ من سبقوني، ومن سيلحقوني، ولا يظلُّ في الظلّ سوى ظلًّ لشعاعٍ غريب، على مفترق الغروب، حيث لا ليلٌ، ولا نهارٌ، يمطّ رأسَه ليعزف مرايا الغائبين، ويطارد الأسئلة الأكثر شوكيّة، ويرحل مع الشروق إلى فصول لغة جديدة، لا يألفها البشر، وتدركها بصائر الهائمين، وإذا ما مالت الشمس عن مدارها، والنجوم رحلتْ إلى حرفٍ عميق، فاعلموا، أنّ آثار الريح، لم تترك ورقةً للشجر، بل نثرتْ أغنياتي على رؤوس العاشقين.. هل رأيت الهائمَ العائمَ الواقفَ في الحركة؟ أم أنك، ما زلتَ وراء الحركة، تقشّر الموسيقى، وتتملّصُ من ظلال أناكَ، لعلك، تصل إلى تيْهِ الصورة.. انتبهْ، لا تدع الهيولى في النار، ولا تترك أعماقك طافية على الموج، قال لي الغياب، ذاتَ قصيدة، ومنذهُ، أو منذي، لم يعُدْ يدركنا الحضور.. وتناسلتْ أشباهُ الإيقاعات، وتهللتْ باللازورد غاباتُ الكواكب، وهمنا، ليس مثلنا كلمة، أو معنى.. غبنا، لا ليظهر الباطن، ولا ليغيب الظاهر، لكننا، غبنا، لنسبح مع الحدس المحترق، والرائحة العظيمة لموج يتكون الآن، زارعاً الملحَ في الأصداف، والأحلامَ في نسوغ النجوم.. وهناك، أوقفتُ المخيلة، وتساءلتُ معها عني.. السؤال قماطٌ للموجة الأخيرة.. والمراكبُ تحبو فوق الزمان.. المطر يتصاعد أكثر والموسيقى تتهاطل أكثر وأنا كما المجهولُ أتكاثف حتى شفافةٍ تغير منها الشفافية... ألا أيها النهار، لا تحقد على أشعتي، أعرفك بريئاً من ذلك.. أعرفك، كما تعرف الكهوفُ رنينَ النجوم.. أيها النهار، لا تبتعد عن فجرٍ يتسرنم، فلا يبدو، ولا يبتعد.. واقطفْ صلاتَكَ من تلك الأشجار، وابتعد لتقرّبَ الريح إلى الريح.. ثمة، رمادٌ يتبخّر، ونهارٌ يحترق.. ورؤى، تنتهز الجراحَ لتتمرأى بالشعلة المفقودة.. صوتٌ من صمتٍ، ينادي.. النداء يستطيل مثل ظلّ الشمس على المريخ.. المجرات، تخطف الوقتَ، وتررررتجف بالطالع.. فترررتعش أوهاجي.. وتبحر المكنونات، وبين الموج والموج، لا أرى سوى شعاعي ظلاً، لم يفكر بالتوقف في الحركة... يتمادى الإيقاع، ترتدّ الأغنية إلى حيرتها.. تموج غاباتٌ على غاباتٍ.. والقصب المبلل بالأزمنة، لا يرغب بمزيد من الاحتراق..