السداسية وإيران كل ينطق بما يرجح الوصول إلى اتفاق حول مشروعها النووي، وكل يدعي الحق في موقفه، غير أن إيران لم تذعن إلا تحت وطأة الضغط السياسي والتضييق الاقتصادي لتفتح مفاعلاتها للتفتيش والمراقبة، لكن كيف نرى الاتفاق وشيكاً و(جون كيري) يصرح بأن إيران على بعد شهرين لإنتاج قنبلتها النووية، أي أن التوقيع على نتائج مرضية أصبحت وفق هذا التصريح متأخرة؟ بعد أزمة «أوكرانيا» دخلت روسيا على الخط بأنها مستعدة لتزويد إيران بصواريخها المضادة (إس - 300) في حال واجهت ضغطاً غربياً - أمريكياً حول مشروعها النووي. أي ان المواجهة، كما جرت حول سوريا، صراع بين الجبابرة، غير أن إيران تعرف أن الدعم الروسي معنوي لحاجتها للغرب المستهلك لنفطها وغازها، وصناعاتها المتعددة والمتحفظ على أرصدتها المالية، ثم إن التدخلات التي شملت إلى جانب سوريا اليمن والخليج العربي ولبنان غير مقبولة، لأن للغرب مصالحه سواء باستقرار هذه الدول أو عدم الدخول في معارك جانبية أخرى سياسية أو اقتصادية، وهناك إسرائيل التي تخالف أي اتفاق مع إيران لشعورها أن أي دولة قريبة منها تملك هذه الأسلحة تهدد أمنها.. التعامل الدولي يقيس الأبعاد في العلاقات وفق التطورات التي تربط المصلحة بالسياسة، وإيران يراها الشرق والغرب قوة إقليمية لديها عوامل كثيرة، فقد كانت حائط الصد ضد الاتحاد السوفيتي زمن الشاه، وحليفاً مهماً لأمريكا، وبعدَ الخميني تراوحت العلاقات بين التشنج، والانفراج النسبي، لكنها الآن صارت تأخذ نفس الاهتمام عندما ساعدت الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق، ولا تزال تؤثر على آسيا الوسطى التي تراها روسيا أيضاً صديقاً يقرب من الحليف، لكن ذلك لا يعني أن الرحلة بلا عوائق أمام الشكوك بأن إيران قد تستخدم الهدنة حتى تستطيع وجود الفرصة بإنتاج سلاحها النووي.. المرشد الأعلى هو من يحرك أدوات الحوار الإيراني بالاتفاق والرفض ومع ذلك فهو من يقول بضرورة استمرار المباحثات والوصول إلى حل لأن المستهدف بلده بانخفاض دخل الفرد وزيادة البطالة وتعطل المشاريع، وأعباء مصاريفها على حزب الله والحرب السورية وتدخلاتها الأخرى بدعم منظمات تأخذ نفس نهجها كلفها الكثير، وحتى مشروعها النووي الذي تعتبره عزة قومية قبل أن يكون سلاح ردع استنزفَ المداخيل الكبيرة، ولذلك فهو يعترف ان مقاومة الضغوط الاقتصادية الغربية صعبة، بل قد يقود إلى قلاقل داخلية لشعب نسبة الشباب كبيرة فيه، ويتعامل مع العالم بأفق يختلف تماماً عن رؤية رجل الدين، بل هناك من عارض علناً المؤسسة الدينية، وهناك بالمقابل التعامل غير العادل مع شعوب وقوميات لا تحصل على حقوقها المشروعة.. قطعاً بنود الاتفاق المعلنة قد لا تعني ما تخفيه الاتفاقات السرية، ولذلك فالصفقات التي تجري من تحت الطاولة هي التي تزيد من ريبة وشكوك الدول التي في حالة نزاع مع إيران وتخشى أن تكون المقايضة ليست بصالحها.