في جل العناوين الصحفية التي توشّح بها صدر أولى الصحف الجزائرية أمس السبت استفهامات بالجملة حول الهدف الحقيقي من زيارة الدولة التي قام بها كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية جون كيري إلى العاصمة الجزائر يومي 2 و3 أبريل الجاري و علاقاتها باستحقاق الرئاسة المزمع في 17 أبريل. واستعانت الصحف الجزائرية بالمراقبين والمحللين السياسيين للتدليل على أن الزيارة لم تكن مبرمجة بل جاءت لتقديم مساعدة ضمنية للرئيس المترشح عبدالعزيز بوتفليقة في حين أن التقاليد الدبلوماسية تمنع مثل هذه الزيارات إذا تزامنت مع الحملات الانتخابية وأن كيري اخلط أوراق المنافسين لبوتفليقة نظرا لتوقيت زيارته التي جاء في عز الحملة الانتخابية. ونقلت الصحف عن معارضين ومناوئين للرئيس المترشح قولهم أن الزيارة في هذا الظرف السياسي الذي يعقب أهم استحقاقات تشهدها الجزائر منذ الاستقلال هو "تدخل في الشأن الداخلي للجزائر" بل لا يمكن تصنيفه إلاّ في خانة الضغط على الجزائر، فيما كتبت صحف أخرى تقول إن المترشحين الخمس المنافسين لبوتفليقة "ينظرون بعين الريبة لزيارة كيري" واستفهمت: "لماذا تمكّن الرئيس المترشح بوتفليقة من الوقوف على رجليه لمصافحة جون كيري فيما لم يتمكن من فعلها مع بقية ضيوف الجزائر الذي زاروا البلاد بعد توعكه الصحي؟" ولم يقنع بيان الخارجية الجزائرية الذي أعلن زيارة كيري وهدفها، منافسو الرئيس المترشح ومعهم قطاع واسع من المعارضة على رأسها الأحزاب الإسلامية التي رأت في زيارة كيري انحياز واضح للإدارة الأمريكية إلى جانب الرئيس المترشح عبدالعزيز بوتفليقة ورسالة لخصومه أن الأخيرة تدعّم عهدته الرابعة. واعتبرت زعيمة حزب العمال "لويزة حنون" المترشحة للرئاسيات، وهي واحدة من المتنافسين على كرسي قصر المرادية أن زيارة كيري "تدخل و خطر على السيادة الوطينة" وتساءلت في تجمع شعبي عشية الزيارة لماذا لم يتم إرجاء الزيارة إلى ما بعد الرئاسيات؟ ومثلها تساءل حليم بن عطاالله، الوزير والدبلوماسي الأسبق، أحد أهم منشطي حملة المترشح على بن فليس، غريم الرئيس بوتفليقة، لماذا تخرق الدبلوماسية الجزائرية التي تعودت على النصح بعدم ترتيب زيارات في فترات معينة بينها الحملات الانتخابية ولم ترجئ كعادتها الزيارة مستنتجا أن الأخيرة جاءت ل"الاستفهام حول الوضع الداخلي عشية الرئاسيات". وفي بيان تلقت "الرياض" نسخة منه اعتبر الزعيم الإسلامي المتشدد عبدالله جاب الله، أن توقيت زيارة كيري للجزائر تشكل "مصدر ريبة" وقال رئيس "العدالة والتنمية" إن الأخيرة تفتح "الباب لتأويلات قد تكون خاطئة او صحيحة" ومثله اعتبر زعيم "النهضة" محمد دويبي في بيان أن "الزيارة التي تأتي في سياق انتخابي" تعمق الشك بشأن عدم حيادية قوى خارجية تمارس ابتزازا للحصول على صفقات وبناء قواعد عسكرية (أفريكوم) على حساب مصالح الجزائريين". وتزامنت زيارة وزير الخارجية الأمريكية إلى الجزائر ودعوة مترشحين اثنين للرئاسيات أحدهما انسحب من السباق ويتعلق الأمر بالجنرال المتقاعد محند الطاهر يعلى والآخر أقصاه المجلس الدستوري لعدم تمكنه من جمع التوقيعات على بن نواري والأخير وجه الثلاثاء رسالة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما يدعو فيها القوى الغربية وهيئة الامم إلى "فرض احترام اختيار الجزائريين في 17 أبريل" متحدثا عن "ضغوط ذات طابع إقناعي" قد تساعد على احارم الصناديق في الجزائر، فيما طالب الجنرال المتقاعد من كيري في رسالة "تسلمت "الرياض" نسخة منها" إلى عدم "تزكية استحقاق مبني على الغش والتزوير لحساب مترشح متوعك وغائب ورهينة محيط يحكم البلاد نيابة عنه".