على الهواء مباشرة، أجاب الشاعرُ الكبييييييير مذيعَ البرنامج، قائلاً بانفعال وجدية: أعرف بأننا نكتب النص الشعري الواحد، لكن قصائدي مختلفة، لأنها مثل حظي، قصائد تيفال (Tefal)، فهي لا تلتصق بالجرائد أبداً، ولا بذاكرة الجماهير المصابة بالزهايمر. داوها بالتي كانت هي الداء مرض كاتب ذات يوم، وعندما علم أصدقاؤه، هبوا إليه، وعادوهُ محملين بالهدايا التي ما إن فتحها ورآها كتباً حتى عادت إليه حالة الإغماء! علامة نقدية تجارية دخل القاعة المخصصة للندوة ثلاثة أشخاص، الأول مشلول اللسان، يحمل الثاني الذي لا يُبصر، والثالث يضع سماعة في أذنه المصابة بفقد حاسة السمع، وبعدما وصلوا إلى المنصة، بدأوا يحكون "نقداً" ما أنزل الله به من سلطان، وبعد خمس دقائق، فرغت القاعة إلاّ من شاعر مشاكس وقراء هذه الصفحة، ليقولوا بصوت واحد: نقد ما بعد الحداثة مرض مستعصٍ، علامته التجارية (3) بواحد. عواميد معاصرة في إحدى الأمسيات الحافلات باللا شيء، تنطع شويعر لشويعر متهماً إياه بالمتطرف والرجعي، فقط، لأنه ينظم العمود على البحر الميت ولا علاقة له بالحداثة، وعليه أن يضرب رأسه بأقرب عمود، فما كان من الثاني إلاّ وأن غافله بتهمة التطرف إلى الفوضى الهدامة، كونه بلا أذن موسيقية تميّز قصيدة التفعيلة، وتدويرها الجديد الذي يجيز تداخل المتدارك بالمتقارب، مخترعة البحرَ الأحمر الذي لا يعرفه حتى العفريت الأزرق. كتابات الكترونية لم يكن يعلم بأن مواقع التواصل الاجتماعي ستعلّمهُ كتابة خواطره البائسة حتى العدم، ومن ثمة يهديها لأصدقائه على الشبكة العنكبوتية، وحين وصل الإهداء لإحدى المتابعات لصفحته، تجهمت، وكتبتْ فوراً: أنت تسرق كتاباتي، كيف تقول: "صباحك عسل" دون أن تنسب الجملة إليّ؟! خيانة عظمى كانت تقرأ قصيدته الغزلية، وشعرتْ بأنها لأخرى. بدأت تفكّر بخيانته: لماذا؟ ومع من؟ وكيف؟ نظرتْ إلى صورته بانتقام، متسائلة: رحمك الله..، هل تخونني، الآن، في القبر، وتكتب قصيدة لسواي؟ سمعها حفيدها، فهرع إليها قائلاً: جدتي، تاريخ القصيدة عام (1937)، وميلادك الذي نحتفل به اليوم كان عام (1958)! قصر افتراضي عندما ظهر عفريت مصباح علاء الدين، لمرتهِ قبل الأخيرة، فوجئ به الشاعر، فنسي بحر المتدارك، وتداركَ حضورَ العفريت قبل غيابه، سائلاً برجاء: لي طلب واحد فقط. فأجابه العفريت بجملته الشهيرة: "شبيك لبيك، أنا بين يديك"، فقال الشاعر: أريد قصراً وطيارة، أو لأتواضع قليلاً، بيتاً وسيارة! حينها، نظر العفريت إليه بحزن شديد، ثم قرفص باكياً، مردداً: أجمل البيوت بيتاً من الشعر، ولو كنتُ أستطيع، يا سيدي، لما سكنتُ هذا المصباح!