أيدت الأغلبية في هيئة البيعة رغبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد باختيار صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد، مع استمرار سموه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء. وباركت الأغلبية القرار الذي جاء حرصاً على الأخذ بالأسباب الشرعية والنظامية، لتحقيق الوحدة واللحمة الوطنية والتآزر على الخير، وانطلاقاً من المبادئ الشرعية التي استقر عليها نظام الحكم في المملكة، ورعاية لكيان الدولة ومستقبلها، وضماناً لاستمرارها على الأسس التي قامت عليها لخدمة الدين ثم البلاد والعباد، وما فيه الخير لشعبها الوفي. وعكس البيان إجماع أهل الحل والعقد في المملكة بأولوية الاستقرار السياسي وقطع الطريق على أي احتمالات أخرى، وأثبتت التجارب السابقة التي مرت بها المملكة أن انتقال الحكم في المملكة العربية السعودية لم يكن يوماً رهينة مفاجآت أو صدف غير مخططة، وليس بعيد عن الذاكرة مراقبة العالم بإعجاب مراسم الانتقال السلس للحكم إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد وفاة الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله، ثم تابع العالم البيعة تنتقل بسلاسة بين الأمير سلطان ثم الأمير نايف رحمهم الله ثم الأمير سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- باتفاق وإجماع يعكس النهج السياسي الرصين الذي عكسه إجماع الأسرة الحاكمة وأهل الرأي في المملكة. صورة نادرة للأمير مقرن بالزي العسكري ولم يغفل البيان الإشارة إلى الأغلبية التي حصل عليها القرار داخل هيئة البيعة وهي النقطة التي ميزت البيان ورسمت خطاً جديداً من الشفافية في تناول القضايا المصيرية التي تتطلب إطلاعاً من الشعب كما تتطلب وعياً بالمستقبل ومستوى الصراحة في تناول قضايا الحكم، وسجل البيان هذه الأسبقية ليضع أمام المواطن تفاصيل القرار الذي بني على رغبة كريمة من خادم الحرمين وسمو ولي عهده، والذي يبعث الارتياح تجاه المستقبل السياسي لبلاد الحرمين الشريفين. ومثل اشتراك خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين في الرغبة باختيار الأمير مقرن وساماً جديداً لشخص الأمير مقرن الذي أثبت خلال السنوات الأخيرة عبر مختلف المسؤوليات التي تولاها جدارته بهذه الثقة السامية. ويؤسس تعيين الأمير مقرن ولياً لولي العهد لمبدأ جديد في السياسة السعودية يتمثل في تقديم مصلحة الوطن على أي تحليلات سياسية تفسر القرار، أو تربطه بما يحيط بالمملكة اليوم من أزمات وعدم استقرار؛ حيث يضع القرار في توقيته وصيغته استقرار الوطن كأولوية لا تقبل التأجيل ولا تنتظر تبدل الظروف، وهو بذلك يؤكد على استقلال القرار السعودي الذي يصنع واقعه بعيداً عن واقع الآخرين وظروفهم. المملكة العربية السعودية تعيش حراكاً تنموياً استثنائياً يتطلب ظروفاً استثنائية لاستمراره يأتي في مقدمتها أن تكون القيادة السياسية مستقرة وضامنة لاستمرارية النمو الذي أثبتت تجارب العديد من الدول خصوصاً النفطية منها أن ثرواتها ضاعت هباءً عندما فقدت استقرارها السياسي، وغامرت بالتنمية مقابل شعارات سياسية فارغة وقفز نحو المجهول.