تتداول وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة خبر إغلاق المحلات التجارية عند الساعة التاسعة مساء، وفي التفاصيل يقال ان وزارة العمل تهدف لتنظيم بيئة سوق العمل؛ بحيث يتم تقليص ساعات العمل الممتدة لوقت متأخر من الليل، لجعل قطاعات البيع المختلفة جاذبة للشباب والفتيات؛ لينخرطوا في هذا المجال الذي يوفر آلاف الفرص الوظيفية، خاصة أن البعض منهم يتحجج بطول فترة الدوام، وكأي فكرة قرار نجد من يؤيده ومن يقف ضده؛ إذ لكل شخص رؤيته ومنظوره الخاص، وأيضا للمصالح دور وأهمية في كل شأن. ومن زاوية أخرى أرى أن لكل بيئة وبلد ثقافة وظروفا يجب على صانع القرار اعتبارها، فالأمر ليس مجرد محاكاة للغير، أو جلب قوالب جاهزة من الأنظمة والقوانين ومحاولة تطبيقها، فما هو جيد ومقبول في مكان ما قد لا يكون كذلك في أماكن أخرى، فمثلاً يُشكل الشباب في المجتمع السعودي نسبة كبيرة، ونجد أن كثيراً منهم يقصد الأسواق؛ لتزجية الوقت في المقاهي والمطاعم، وأيضاً البحث عما هو جديد فيما يخص أجهزة الجوالات والسيارات ونحوها، وإذا ما تم تطبيق نظام جديد بموجبه تغلق المحلات مبكرا، فحتماً سوف يواجه الشباب مأزقا لا يحسدون عليه، وهذا يعني أن قرار إغلاق المتاجر قد يحل مشكلة، بيد أنه على الجانب الآخر يفاقم مسألة أكثر حساسية؛ لهذا علينا تجنب القفز لأعلى، بتجاوز بعض الأولويات، لنخلق بيئة مناسبة يجد فيها الشاب متسعا يتحرك فيه، فيمارس هواياته، ويبدع، ويستطيع قضاء وقته في تسلية ومرح، ثم لا مانع من إغلاق المحلات، التي هي المتنفس الوحيد للشباب في الوقت الراهن. يضاف لما سبق أن الأجواء لدينا لا تساعد على الخروج وقت النهار، فدرجة الحرارة تلامس الخمسين صيفاً، وحينها يصعب على الأسر قضاء احتياجاتهم والتجول في الشوارع المزدحمة، ثم إن النساء من أمهات وزوجات وبنات يرتبطن بوجود الرجال الذين هم في أعمالهم من الصباح إلى العصر في أغلب الأحوال؛ وبالتالي لا يجدن إمكانية للتسوق سوى فترة المساء، التي لو آل الأمر لتقليصها لا أعتقد أنهن سوف يستطعن الوفاء بمتطلباتهن.