في البلاد التي يحكم الحراك العملي للتجارة نقابات مهن أو تشريعات محلية صادرة عن مجلس بلدي يمثل أهل البلدة توجد أنظمة دقيقة لمواعيد فتح الحوانيت التي تخدم عامة الناس . هذه الأنظمة ارتضاها الناس وتناسبت إيجابيا مع راحة المتسوقين وحركة السير والتحرز الأمني وبرامج مركبات وآليات نظافة البيئة بحيث لا يعترض هذا طريق ذاك ، ولا يظلم العاملين في المخازن أو في عمليات نظافتها أو حركات تزويد الأرفف بالبضاعة. أو وقوف وتحرك شاحنات التزويد بالبضائع . ومع اتساع مدننا تخطيطيّا يُفترض أننا حسبنا لكل شيء حسابه . لأن البلدان التي سبقتنا في مضمار كهذا شوارعها أصغر من شوارعنا وكذا دكاكينها ، لكن عقلياتهم العملية أكبر من عقلياتنا بكثير . تداولت الصحافة أخيراً موضوع تحديد ساعات العمل في المتاجر والحوانيت كبيرة كانت أو صغيرة. وسمعتُ أن مجلس الشورى وافق، أو حصل على تأييد أو مساندة الأكثرية لمشروع لائحة تجعل ساعات العمل تنتهي في وقت مبكّر من الليل. ولو طُبق المشروع فحتماً سيجد المعارضة والمقاومة، لأن حالة التسوق مشتركة بين أصحاب المتاجر ورغبة الناس في الذهاب إلى الأسواق بُعيد صلاة العشاء لتجنب الوقف التام والطويل لصلاة العشاء. وهذه حالة توجد عندنا ولا توجد عند غيرنا. وإذا وافق مجلس الشورى، ورُفع المشروع إلى الجهات المختصة ثم طبق فسيجد من أوكل إليه تنفيذه - قصدي تنفيذ إغلاق المحلات قبيل صلاة العشاء - مصاعب أمام رغبة التجار في البيع، لكونهم يعتبرون تلك الفترة فترة ما بعد العشاء ذروة أو أوج البيع والتكسّب. وسيقولون إن البيع يتضاءل، فيبطئون في تسديد قيمة المخزون لديهم من البضائع، وقد يتباطؤون في دفع الإيجار، وهذا سيوجد معضلة أو لغزاً يصعب معالجته ما لم يتجاوب جمهور المتسوّقين. وأرى أن يترك الأمر للمجالس الإقليمية - متى مُنحت الصلاحية -، لأن كل منطقة تختلف ظروفها وسعتها وقدرتها التجارية عن غيرها. فالعواصم أو المدن الرئيسية غيرها في المحافظات، والأخيرة غيرها في المراكز والقرى، وأرى من الصعب تطبيق قرار صادر عن مجلس الشورى ومن ثم الحكومة على مراكز صغيرة لا توجد فيها صعوبة سير ومواقف وازدحام.