نجح فريق بحثي في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض في تحديد 4 موَرّثات (جينات) يتسبب فقدان وظيفتها في الإصابة بمرض التقزم المنشمي، وذلك في دراسة جينية تعد الأكبر من نوعها على مستوى العالم للبحث في مسببات هذا المرض النادر. وقال الدكتور فوزان الكريع كبير علماء أبحاث الجينات ورئيس مختبر الوراثيات التطورية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث أن المصابين بمرض التقزم المنشمي يعانون من نقص شديد في النمو منذ الولادة والذي يستمر مدى الحياة، بحيث لا يتجاوز حجم الطفل ذي الثمانية أعوام مثلاً حجم طفل ذي عامين في بعض الحالات، كما أن بعض المرضى يعانون من صغر في حجم الدماغ ما يؤثر على قدراتهم العقلية. موضحاً أن الندرة الشديدة في أعداد المرضى حالت دون سبر أغوار المرض بشكل كامل، إلا أن الفريق البحثي تمكن من دراسة جينات 16 مريضاً بالمملكة في دراسة تعد الأكبر عالمياً في مجال هذا المرض النادر، والتي طُبق فيها أحدث تقنيات المسح الوراثي وتحديد التسلسل الجيني لمعرفة الخلل الجيني المتسبب في الإصابة بالمرض. ونَشرت دورية (أبحاث الجينوم) الشهيرة ذات معامل التأثير العالي هذه الدراسة في شهر (فبراير) الماضي، وتكّون الفريق البحثي الذي يرأسه الدكتور الكريع من عالمة الأبحاث الدكتورة رناد شاهين وعدد من الفنيين والأطباء المتعاونين. وأوضح د. فوزان الكريع أن "الدراسة كشفت عن أربعة مورثات جديدة يتسبب فقدان وظيفتها في ظهور المرض لدى الطفل، حيث إن ثلاثاً من هذه المورثات وهي (BRCA2) و(XRCC4) و(DNA2) تلعب دوراً مهما في إصلاح أعطاب الحمض النووي التي لا مفر من حصولها حتى عند الأشخاص الطبيعيين، ولكن جسم الشخص الطبيعي قادر على إصلاح هذه الأعطاب أما مرضى التقزم المنشمي المصابين بطفرات في هذه الجينات فيفتقرون لهذه القدرة وهو ما يتسبب في نقص النمو لديهم"، لافتاً إلى أن مورثة (BRCA2) معروفة سابقاً بأنها مسؤولة عن الإصابة بسرطان الثدي، إلا أن الدراسة أثبتت ارتباطها كذلك بالتقزم المنشمي للمرة الأولى. وقال د. الكريع "ولعل هذا هو السبب في ظهور السرطان عند الفتاة المصابة بطفرة مزدوجة في هذه المورثة". وأضاف بأن الدراسة حددت مورثة رابعة تدعى (CRIPT) مرتبطة بالمرض، والتي لا يزال من غير الواضح كيف يؤدي فقدانها إلى الإصابة بمرض التقزم المنشمي، إلا أن النتائج الأولية تُظهر نقصاً شديداً في عملية الانقسام الطبيعي لخلايا المرضى المصابين بطفرات مزدوجة فيه. وأشار الدكتور الكريع إلى أهمية هذه الدراسة من الناحية التطبيقية، حيث إن العائلات المصابة تستطيع الآن الاستفادة من تقنيات التشخيص المبكر أثناء الحمل لتجنب ولادة مزيد من الأطفال المصابين بالمرض في المستقبل، وهي تقنيات متطورة يوفرها المستشفى التخصصي لجميع العائلات المصابة.