تمكن فريق بحثي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث من تحديد قائمة تشمل 170 مورّثة (جين) تتميز بأن فقدان وظيفتها نتيجة إصابتها بطفرة وراثية لا يؤثر على صحة الإنسان إلا في ظروف محدودة، وذلك بخلاف المورّثات الأخرى، إثر دراسة شملت 80 شخصاً من عدة عوائل، وهوالأمر الذي يسهل من قراءة التسلسل الجيني للمريض من الناحية الإكلينيكية، ويساعد على فهم مدى أهمية وظيفة المورّثات في الخريطة الجينية البشرية التي تضم نحو 23 ألف مورّثة. من جهته، أوضح كبير علماء أبحاث الجينات في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض البروفيسور فوزان الكريع أن الفريق البحثي الذي يرأسه قام بدراسة التسلسل الجيني ل 80 شخصاً مولودين لأمهات وآباء أقارب من الدرجة الأولى، بسبب أن فقدان وظيفة بعض الجينات تزداد في هذه الفئة من الأبناء وهو ما يتناسب مع موضوع الدراسة. ولفت إلى أن الدراسة أثبتت باستخدام نمط تحليلي، طوره عضو الفريق البحثي الدكتور أنس الهليس مستفيداً من تقنية (التطابق الزيجوتي)، أن هؤلاء الأشخاص يفتقدون لوظيفة 22 مورّثة (جين) بالمتوسط نتيجة حدوث طفرات مزدوجة فيها، دون ظهور أي أثر سلبي على صحتهم مرتبط بهذه المورثات، وبالتالي توصل الفريق البحثي إلى قائمة تضم 170 مورّثة لا يؤثر فقدانها على صحة الإنسان سلباً في الأحوال العادية، موضحاً أن ذلك لا يعني أن هذه المورّثات لا وظيفة لها البته. وأردف البروفسور الكريع : قد يكون لهاعلى سبيل المثال دور من الناحية المناعية في ظروف محدودة عند الإصابة بفيروس أو بكتيريا معينة لم يتعرض لها هؤلاء الأشخاص، أو تلعب دوراً في عملية الاستقلاب عند تناول مادة غذائية معينة لا يتناولونها، وبالتالي فإنهم يعيشون حياتهم بشكل طبيعي في الظروف العادية دون أثر ظاهر لفقدان وظيفة المورّثة طالما أنهم بعيدون عن هذه المؤثرات. وبيّن أن لهذه الدراسة فائدتين مهمتين الأولى من ناحية تسهيل القراءة الإكلينيكية للتسلسل الجيني للمرضى، حيث أن وجود طفرة وراثية لدى المريض في إحدى المورثات المشمولة في هذه القائمة لا يعني إصابته بمشكلة صحية، فيما تبرز أهمية الفائدة الثانية من الناحية العلمية والتي تكمن في إثبات مرونة الجينوم البشري في التكيف مع البئية المحيطة بالإنسان والتي تتغير مع تغير الزمان والمكان. وأشار بأن هذه الدراسة التي نُشرت مؤخراً في مجلة "PLoS Genetics" العلمية المختصة في علوم الجينوم، تأتي في إطار سبر أغوار الخريطة الجينية البشرية، حيث أن علماء الوراثة البشرية لم يتوصلوا حتى الآن إلى فهم وظيفة وأهمية كل من الثلاث وعشرين ألف مورثة (جين) الموجودة في كل خلية من خلايا الجسم.