أكد إمام وخطيب المسجد الحرام المستشار في الديوان الملكي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أن من أعظم غايات الشريعة الإسلامية ومقاصدها اجتماع الكلمة وألفة القلوب بين المسلمين؛ لأنه باجتماع الكلمة وألفة القلوب تتحقق مصالح الدين والدنيا، ويتحقق التناصر والتعاون والتعاضد، قال الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" وقال تعالى: "وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله" وقال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" وقال عز وجل: "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم" وقال عز وجل: "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين" وفي الحديث عن النبي: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وفي الحديث الآخر: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري. وأوضح معاليه أن من أعظم ما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله الفرقة والاختلاف، قال الله تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين" وقال تعالى: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم" وقال عز وجل: "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون" وفي الحديث عن النبي: (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم)، أو قال: (تختلف وجوهكم)، وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (الخلاف شر كله) وقال الحسن بن علي رضي الله عنه: (أيها الناس، إن الذي تكرهون في الجماعة خير مما تحبوه في الفرقة). وبين الشيخ بن حميد أن هذه المعاني العظيمة واجبة في كل وقتٍ على المسلم، ولكنها متأكدة الوجوب في أوقات الشدائد والأزمات والفتن، حفاظاً على حوزة المسلمين وحراسة للملة والدين ووحدة البلاد؛ لأن اجتماع الكلمة قوة وعزة، واختلاف الكلمة ضعف ووهن، ولذلك أمر النبي بلزوم إمام المسلمين وجماعتهم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله يقول: (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) رواه مسلم وعن الحارث الأشعري رضي الله عنه أن النبي قال: (أنا آمركم بخمسٍ الله أمرني بهن: بالجماعة وبالسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله، فإنه من خرج من الجماعة قيد شبرٍ فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلى أن يرجع، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم)، قالوا: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟! قال: (وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم، فادعوا المسلمين بأسمائهم بما سماهم الله عز وجل: المسلمين المؤمنين عباد الله عز وجل) حديث صحيح رواه أحمد والترمذي. وأكد أن من كمال شريعة الإسلام إيجابها وافتراضها على المسلمين اجتماع كلمتهم ولزوم جماعتهم وإمامهم، ليكونوا كالجبال الرواسي أمام رياح الفتن والشدائد، وليحافظوا على دينهم من التغيير والتبديل، وليحافظوا على مصالح دنياهم التي هي قوام حياتهم، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: "وعظنا رسول الله موعظةً وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا"، قال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة) رواه أبو داود والترمذي وقال: "حديث حسن صحيح". وقال معاليه نحن في هذه البلاد المباركة التي اتخذت الشريعة لها مرجعا ومنهجا، وما صدر من الأوامر السامية الكريمة، وما تبعه من صدور بيان عن مقام وزارة الداخلية بناء على هذه الأمور الكريمة، تأتي تحقيقا وتأكيداً لما قامت عليه هذه البلاد من الحرص على جمع الكلمة وحدة الصف ولزوم السمع والطاعة لولي الأمر بالمعروف، والبعد عن مواطن الفتن والمناطق الملتهبة، والبعد عن التحزب والتعصب. وحفظ ابنائها من أن ينزلقوا في هذه المزالق المهلكة، فبلدنا قد اجتمع ولله الحمد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبيعة ولي الأمر، ووحدة هذا الوطن قبلة المسلمين ومحضن المقدسات. وأضاف يقول لاشك أن هذا من المعززات لحقيقة وحدة الصف واجتماع الكلمة وفق فهم سلف هذه الأمة. ودعا معالي المستشار بالديوان الملكي كل من زلت به قدم أو حصل منه مخالفات أن يعود إلى طريق الصواب، وقد وضعت هذه الأوامر والبيانات مهلة لمن غلط فعليه المبادرة بالعودة للاستفادة مما اشتملت عليه هذه الأوامر الكريمة. سائلا المولى العلي القدير أن يحفظ بلادنا من كل سواء وفتنة وأن يوحد صف أهل الإسلام حكاماً وشعوباً، وأن يؤلف بين قلوبهم على مايرضيه سبحانه