أكثر سؤال متداول هذه الايام في تويتر هو، هل يحق للفتاة السعودية طلب معلومات عن ماضي خطيبها قبل عقد القران؟ وذلك بعدما بثت قناة إم بي سي، تقريرا عن مشروع قرار تدرسه وزارة العدل مع وزارتي الداخلية والصحة لتعريف الفتاة السعودية بماضي الخطيب الذي يتقدم لها للزواج، عبر الاطلاع على سجله الصحي والقضائي والأمني، وذلك بهدف التقليل من معدلات الطلاق في السعودية، نتيجة صدمة الزوجة وأهلها بحقائق لم تكن معروفة لديهم عن الزوج سابقاً. والوسم الخاص بهذا الموضوع في تويتر الذي حمل عوان ماضي السعودي قبل الزواج يعج بالمشاركات المؤيدة والمعارضة، العميقة والسطحية، السوية والشاذة، والطابع العام للتعليقات هو السخرية، وذلك لأن طبيعة الخبر جاذبة للتعليقات الطريفة، وبخاصة أنه فيما يبدو لي غير مطبق في أي مكان آخر من العالم. لماذا سيطرت السخرية على تعليقات السعوديين على قرار يبدو أن هناك جدية في تطبيقه، مع ما سيؤدي له من أثر كبير على مستقبل الشباب السعودي؟ هل هذه السخرية نتيجة لأن هناك قناعات داخلية بأن مثل هذا المشروع لن يتم تنفيذه على أرض الواقع نتيجة عوامل عدة، منها البيروقرطية واللجان الحكومية، التي دائما تقود بلادنا إلى لا شيء، ولو عرض مشروع القرار على مجلس الشورى لصوت معظم الاعضاء بالتريث 100 سنة قبل تطبيق القرار، ام لان هناك جهابذة يقفون بكل عنفوان امام أي حق جديد سيمنح للمرأة مهما كان، ويضغطون على المسئولين لثنيهم عنه، ومن لا يستجيب لضغوطهم يتهمونه بالتغريب، حتى لو كان وزير العدل نفسه! هذا الموضوع ليس فكرة تنظيرية مترفة، بل مشروع قرار رسمي، من المؤكد أن وزارة العدل لم تتبناه إلا نتيجة تعايش يومي مع المشاكل الزوجية في المحاكم، وارتفاع معدلات الطلاق في المملكة، ويشكر لها مبادراتها في البحث عن حلول للتعامل مع هذا الهم الوطني والاجتماعي الكبير والخطير، وسيؤيد بقوة هذا القرار من يضع مكانه للحظة واحدة مع أخته في المحكمة لطلب الطلاق، أو في مكان أب لحظة مجيء خطيب لابنته لا يعلم عنه شيئا بخلاف سؤال جار المتقدم للزواج الذي قد يكون صديقه أو سكن بجواره قبل أشهر. هناك من يقول لو كان المجتمع سويا لما احتجنا مثل هذا القرار، والبحث بأسلوب المخابرات عن ماضي الزوج، كما يمكن بسهولة معارض القرار بحجج متعددة، منها أنه يجب إذن طلب معلومات عن سجل الفتاة وهذا يتعارض مع مبدأ الستر، أو أن هذا القرار قد يتعارض مع مواثيق حقوق الإنسان الدولية، أو أن العنوسة ستزداد، وغير ذلك من حجج. ومع تفهمي لبعض هذه الحجج، وأن مجرد التفكير في القرار مؤشر على خلل كبير في البنية المجتمعية، فإنني أرى نتيجة - لهذا الخلل - أن هذا قرار عملي يجب دعمه، ويرجى ألا يكون مصيره مثل مصير المشاريع المتعثرة، والبرامج المؤدة، وألا يصدر في أي لحظة نفي له جملة وتفصيلا، وأنه لا أساس له من الصحة ، ولدينا تراث عريق مع تلك العبارات التقليدية المحبطة.