مع تنامي القطاع الصحي بجانبيه الحكومي والأهلي (المدعوم بقوة من الحكومة حالياً) تكاثرت المستشفيات وتم اعتماد أراض ومخصصات مالية ضخمة لإقامة المراكز الطبية المتخصصة مع غياب واضح لأي ملامح تخطيطية دقيقة لتشغيل تلك المستشفيات بطريقة فعّالة مما سيضعف القيمة الاستثمارية والتنموية التي صرفت تلك المبالغ الضخمة لتحقيقها! وسوف أستعرض الأخطاء (السبعة) عند إنشاء وتشغيل المستشفيات: 1) الموقع: بأن يكون في مكان واضح المعالم، ويسهل الوصول إليه من عدة طرق، مع وجود مساحات كافية للتوسع المستقبلي حتى لانضطر إلى توسعة تضيق على المستفيدين وتزعجهم، مثال: (المستشفى العسكري بالرياض، مجمع الرياض الطبي (سعود حالياً)، والخوف الآن على مدينة الملك فهد الحديثة نسبياً!!). 2) أن تكون التصاميم صديقة للمريض سواء المنوم أو مراجع العيادة والزائرين والعاملين مراعية كأولوية سلامتهم وسلاسة تدفقهم دون ازدحام يزيد المريض مرضاً وعناءً، ومتوافقة مع متطلبات مجالس الاعتماد المحلية والاقليمية والدولية كي لا نضطر بعدها لعمل تعديلات على مبنى جديد وحديث ليتوافق مع تلك المتطلبات. كذلك المستشفيات الجامعية والتعليمية لابد أن تراعي وجود الأماكن المناسبة لغرض تحقيق أهداف هذه المستشفيات. 3) وضع التصور لطريقة التشغيل الملائمة للمنطقة والمدينة. وهذا هو التحدي الكبير الذي يواجه كل القطاعات المُقدِمَة على فتح عدد من المستشفيات!! فما يصلح لمنطقة ولكثافة سكانية قد لا يناسب غيرها. 4) تهيئة الموارد البشرية، وهي معضلة تعثر كثير من المشاريع، فتشييد مبنى جميل مكتمل التجهيزات ليس هو كل شيء! ولقد مررنا بتجربة مريرة في بناء مدينة طبية مجهزة ومتميزة في وسط العاصمة الرياض حُرِم منها المواطن قرابة 13 عاماً لغياب الخطط التشغيلية الصحيحة والخطط البديلة مع أي هزة اقتصادية محتملة! 5) تدريب القيادات التنفيذية على رأس العمل: وهو جزء من صميم مهام الموارد البشرية، لكن لخصوصيته أفردته هنا. فتكوين فريق قيادة العمل للمستشفى مبكراً له إيجابياته المتعددة لينسجموا ويتفاهموا قبل انشغالهم بالعمل المضني اليومي مع بداية تشغيل المستشفى، وأما الاتكاء على الاكتفاء بتعيين مدير تنفيذي فقط ليعوم وحيداً فلا يفيد المنشأة ويرهق المدير. 6) بناء نظام المعلوماتية الصحية والأرشفة الإلكترونية بطريقة صحيحة وسليمة وبعيدة المدى مع تقليل التكلفة للمستشفيات التابعة لقطاع واحد. فمن خلال تقديم استشاراتي لأحد القطاعات وجدت بأن مستشفياتها وقعت فريسة سهلة لشركات التقنية بحيث كل مستشفى يتعاقد على حدة واصبح بالإمكان تقليل التكلفة إلى النصف أو أقل لو كان هناك تنسيق بسيط. ولك أن تتخيل لو تم مثل هذا التنسيق بين القطاعات ذاتها كم سيوفر هذا على ميزانية الدولة ككل!! 7) وضع التصور الشامل للتدريب المتواصل الديناميكي للطاقم الفني (التمريض/ التقني/ الصيادلة بالإضافة للأطباء) وكليات الطب وصديقاتها في القطاع الصحي انتشرت ولله الحمد في مناطق وطننا الغالي فلابد من مد جسور التعاون الفعلي معها لتستفيد كل الأطراف في صورة متناغمة ومتكاملة. هذه أهم الأخطاء التي قد تسبب قصور كبير لتقديم الخدمات الصحية مستقبلاً وبتداركها وغيرها سوف نعظم الاستفادة من هذه المشروعات الوطنية الإنسانية العملاقة.