لا يمكنك أن تختار تجربتك؟ لكن يمكنك أن تعيشها، ولا يمكنك أن تتخيل أنها ملاذ آمن.. لكن يمكنك أن تكون سيدها، ولا يمكنك أن تقيم خارجها، بعد أن دفعت ثمناً باهضاً لها، واختلطت تفاصيل مخاوفها مع تلك الأحلام الممتدة بلا حدود، والتي تعرف بعضها وتختبئ تحت عباءة حكايات البعض الآخر منها. لم أنتصر لتجربتي الكتابية، لأنني لم أكن ضحيتها.. كنا أنا وتجربتي «ذاكرة واحدة» وحلماً واحداً.. وخيالاً واحداً تمسك كل منا بقوته للتفتح على الآخر.. بدونا كغيمة ممطرة وإن استعصى مطرها في الهطول.. ولكنه ظل مصافحاً تلك الأيام البيضاء بمياهه العذبة «أقصد ذلك الحلم»، بالتأكيد لم أتوقف أمام تجربتي يوماً التي بدأتها منذ سن الثانية عشرة وفي الصف الأول المتوسط.. ولم تكن تشكل لي إشكالية قوية لأشتبك معها.. وأتذكر تفاصيلها.. وكأنه استرجاع استدراكي لداخلي واستعادة لتلك الأشياء الصعبة والمتعددة التي مررت بها.. وشكلت العلاقة بيني وبين ما اكتسبه.. يقول أميل حبيبي (أنا لا أستعيد الماضي، لأفتح جُرحاً، استعيده لئلا تذهب التجربة هباء). تذكرت ذلك وجامعة جازان تدعوني للمشاركة ضمن فعاليات معرض الكتاب الرابع صبيحة يوم الأربعاء الماضي لأتحدث عن تجربتي مع الكتابة والكتاب أمام طالبات قسم الصحافة والإعلام بكلية الآداب. أسعدني اللقاء جداً، وأمامي مئات الطالبات الباحثات عن الأمل.. عن تفاصيل التجربة.. عن الرغبة في إيجاد الذات.. في الاحتفاء بالغد.. في معرفة طريق الوصول.. في البحث عن مسار يحملهن إلى ذلك الطريق المفتوح. حاولت أن أختار لهن نقطة البداية وألا أختصر كل شيء في ذاتي.. أردت أن أبدأ معهن من نقطة «أنه» ثمة بدايات في كل مكان.. وثمة محطات خلقت لنا بمعنى ألا نتخيل أن كل محطة هي محطتنا.. تتعلق بتجاربنا وتجربتي بالتحديد وإن حملت معها صوت التمهل والتأمل، كونها تتعلق بتجاربنا وتجربتي بالتحديد وإن حملت معها صوت التمهل والتأمل، كونها كانت بعيدة عن حفلة الأمنيات، وفراغ الأسئلة، ولكنها ظلت محملة بذكريات مرفقة بفاتورة تحققها من الصعب. في التجارب الخاصة بنا تظل معرفتنا لا تتعدى حدود التجربة كما يقول «كارليل» إلاّ أنني بالأمل الذي عشته في جازان والرغبة القوية صنعت تجربتي الخاصة في مكان كان من الصعوبة أن تكتب فيها، وتحارب من أجل أن تكون، تقاتل من أجل حلمك ضد مجتمع مغلق، لم يستوعب أن تكن امرأة كاتبة، وأن تكون أنت فقط نفسك.. كنت أرى الطريق بوضوح أمامي مرسوماً، وكان والدي -حفظه الله- هو الداعم الأول والأساسي الذي ساعدني على العبور الصعب في طريق شائك، وساهم بقوته الداعمة نفسياً أن أجتاز كل تلك المعوقات الصعبة والقاسية. ليست التجربة وحدها هي الطريق الذي أوصلني إليكن اليوم، ولكنها المصاعب وتلك الليالي القاسية والمريرة التي كثيراً ما صدتني، ولكنني ورغم قسوتها كنت حريصة «على أن أحتفي بذاتي» وأن أشعر بوجودي بعيداً عن الآخرين.. كنت أستمتع بما كنت أسعى إليه لماذا؟ (لأنني كنت أعرف ماذا أريد؟) فقط علينا أن نعرف ماذا نريد؟ هذه هي بداية التجربة وبداية الرحلة أن نحسن معرفة ماذا نريد؟؟ يتبع بعد غد