أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أن بلدة سدوس التراثية ستكون بعد تأهيلها بإذن الله مصدر جذب سياحي في المنطقة، وجزءًا هامًا في المسار التراثي الثقافي السياحي في منطقة الرياض، مشيدا سموه بما تحظى به المشاريع السياحية ومشاريع التراث العمراني من دعم من سمو أمير منطقة الرياض رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، وسمو نائبه نائب رئيس المجلس، ومن أمين منطقة الرياض والتي تتضح نتائجها من خلال هذا المشروع والمشاريع المرتقبة في العدد من محافظات المنطقة. أدعو الأهالي للمشاركة في أعمال البناء ليعيشوا تجربة حب التراث ويشعروا بملكيته وقال سموه في تصريح صحفي عقب رعايته (الثلاثاء) لمناسبة وضع حجر الأساس للمرحلة الأولى من مشروع تطوير البلدة التراثية في سدوس الذي تنفذه بلدية العيينة والجبيلة بالشراكة مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، بأن هذا المشروع هو مشروع تضامني مع سمو محافظ الدرعية وأهل الدرعية وأهل العيينة إضافة لأهل سدوس وهيئة السياحة، وكلنا متضامنون ليخرج هذا المشروع بشكل متكامل ومميز، ونحن سعداء بهذا التضامن والتعاون وهذا خير وبركة، معربا عن تقديره لسمو المحافظ ولرئيس بلدية العيينة والجبيلة وأعيان وأهالي سدوس على الاهتمام بهذا المشروع والحرص على تنفيذه. وأشار إلى أن المشروع لا يهم أهل سدوس فقط بل يهم الجميع، فهذه البلدة العزيزة هي صفحة من صفحات قصص الوطن وتاريخ الجزيرة العربية. وكشف سموه أنه وبالتنسيق مع سمو محافظ الدرعية فسيتم توسيع المشروع ليشمل ثلاثة مواقع غير البلدة التاريخية، ووضع خطة متكاملة للمحيط المحيط بها من مزارع ومناطق مفتوحة، وإعادة تنظيمها بالكامل، وتقديم فرص استثمارية لأصحاب المزارع والبيوت التاريخية في هذه المنطقة للإسهام في ان تنهض منطقتهم وتكون جاذبة سياحيا. الأمير سلطان يلقي كلمته وأضاف: "قصة المكان لا يعرفها الناس إلا عندما يأتون إليها ولن يأتوا إليها إلا عندما يكون الموقع جاذبا، لذا فإننا وبالتنسيق مع سمو محافظ الدرعية سنعزز ميزانية المشروع حتى ننطلق في المواقع الثلاثة الجديدة في وقت واحد". وأشاد الأمير سلطان بن سلمان باهتمام المواطنين بتطوير قراهم التراثية وحرصهم على إحيائها وتأهيلها وفتحها للزوار، وقال إن هذا الاهتمام يجسد ارتفاع الوعي في مناطق المملكة كافة بأهمية المواقع التراثية التي تشكل سجلاً حياً لإسهام الأجداد في تأسيس هذا الكيان ووحدته الوطنية التي بناها المواطنون بمختلف أسرهم ومواقعهم، مبيناً أن القرى التراثية باتت مشروعاً اقتصادياً مهماً يحفظ التاريخ ويفتح الأبواب للسياح ويدر دخلا جيدا للأهالي، وستصبح بلدة سدوس بعد تطويرها مصدر رزق لأهاليها ومجالاً لتوظيف أبنائها. وكان سمو رئيس الهيئة قد وصل إلى مقر الحفل في بلدة سدوس، وكان في استقباله صاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود محافظ الدرعية، والدكتور فيصل بن عبدالرحمن بن معمر الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، والمهندس أحمد العسكر وكيل أمين منطقة الرياض لشؤون بلديات المحافظات، والمهندس سعود نافع السلمي رئيس بلدية العيينة والجبيلة وعدد من أعيان سدوس والمسؤولين فيها، حيث شاهد سموه فلما عن المشروع، واطلع على مخططات تصاميمه. الحفل الخطابي ورحب الدكتور فيصل بن معمر خلال كلمة له في الحفل نيابة عن أهالي سدوس بسمو الامير سلطان بن سلمان مثمنا له تدشين هذا المشروع وحرصه على رعاية ودعم مشاريع التراث الوطني التي انتشرت باهتمام سموه في كافة مناطق المملكة وتوجت بمشروع الملك عبدالله بن عبد العزيز للتراث الحضاري الذي اعتمده مجلس الوزراء مؤخرا والذي تُنشأ تحت مظلته مشاريع التراث العمراني في مناطق المملكة. وعبر عن اعتزاز أهالي سدوس بالاحتفاء بإعادة تأهيل قرية سدوس التاريخية بمكوناتها العمرانية لتكون قرية تاريخية سياحية متكاملة تستقبل الزوار وتطلعهم على تاريخ المنطقة وموروثها الحضاري. ثم القى الامير سلطان بن سلمان كلمة دعا فيها المسؤولين والطلاب والأهالي في سدوس إلى المشاركة في اعمال البناء وأن يعيشوا التجربة لنغرس في نفوسهم حب التراث ويشعروا بملكيته. وأضاف: قلبي يتحسر على هذه القرية، هذا المكان المميز لابد ان يعود وتعود معه قصة المكان، ويكون كتابا مفتوحا، لا نريد ان يكون المشروع منعزلا. وأكد أن هذا المشروع يأتي في وقت تشهد فيه البلاد اهتماماً لم يسبق له مثيل بالتراث الوطني بدعم واهتمام كبيرين من خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – وسمو ولي عهده الأمين، وخصوصاً بعد صدور قرار مجلس الوزراء مؤخراً بالموافقة على مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري للمملكة الذي يؤكد عناية الدولة بتعزيز مكانة التراث الوطني باعتباره ثروة وطنية مهمة. وأشار إلى أن المستهدف من مشاريع البلدات التراثية التي تعمل عليها الهيئة وشركائها والمجتمعات المحلية هم المواطنون من أهالي تلك البلدات وسكان المدن المحيطة الذين يتوقون للخروج من صخب المدينة ليعيشوا تجربة سياحية ممتعة في تلك البلدات بعد تأهيلها، ومشاريع تأهيل البلدات التراثية التي تقوم عليها الهيئة هي مشاريع تضامنية تحفظ تاريخ تلك البلدات و أهاليها الكرام عبر الأجيال المتعاقبة التي أسهمت في بناء الوحدة المباركة للمملكة العربية السعودية. وبعد الحفل قام سمو رئيس الهيئة وسمو محافظ الدرعية بالوقوف على معرض قرية سدوس التاريخية، ثم جولة على البلدة. وتعد بلدة سدوس القريبة من الرياض باتجاه الشمال الغربي واحدة من أقدم المستوطنات البشرية في منطقة وسط الجزيرة العربية، وقد احتضنت معالم أثرية في غاية الأهمية، أهمها مسلة لافتة عليها نقوش وكتابات تعود إلى عصور قديمة تؤكد أهمية البلدة كإحدى الحواضر في الجزيرة العربية، إضافة إلى كتابات ونقوش قديمة عثر عليها في السلسلة الجبلية شمال سدوس، كما أنشئت في سدوس القلعة "حي البلاد" وشيد لها سور محكم وأبراج جيدة، وتدل بقايا آثار عمران حي البلاد وأسواره على بعض من مراحل نموه وتطوره. وسيتم تنفيذ مشروع تطوير بلدة سدوس على ثلاث مراحل، تتضمن المرحلة الأولى تطوير وسط المدينة خلال (520) يوماً، ويتم تنفيذ المشروع بالتعاون بين الهيئة العامة للسياحة والآثار، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووكالة أمانة منطقة الرياض لشؤون بلديات المنطقة. وتتضمن المرحلة الأولى من المشروع تنظيف الممرات والفراغات والمباني من المخلفات والأنقاض وتجميعها وفرزها وتسويتها، وإعادة تأهيل البنية التحتية للبلدة للأعمال الكهربائية والميكانيكية، وإعادة رصف الشارع الرئيس حول البلدة وتطويره بطريقة تتماثل مع شكل القرية، وإعادة بناء وترميم سور القرية بالكامل. والمحافظة على منابع المياه (الآبار) والكشف عنها، والمحافظة على اللوحات الجصية والجدران والأعمدة، وإعادة بناء الجدران الطينية بمختلف عناصرها وطبقاتها وسماكته.. أما المرحلة الثانية للمشروع فيتم خلالها إكمال ما تم في المرحلة الأولى، في حين تتضمن المرحلة الثالثة تطوير ما تبقى من أجزاء لحي البلاد، والاهتمام بالأحياء التراثية الأخرى كحي الرأس والمنارة والقصر القديم ومرقب سدوس وغيرها.