بعد اكثر من اسبوعين على توقيع اتفاق وقف اطلاق النار الذي لا يزال يواجه خروقات، بدأ طرفا النزاع الذي اندلع في منتصف ديسمبر في جنوب السودان امس جولة مفاوضات جديدة في اديس ابابا. ويحاول الوفد الحكومي التابع للرئيس سلفا كير ووفد مناصري نائبه السابق رياك مشار الان التوصل الى اتفاق سياسي ينهي النزاع بين الطرفين بعدما استغرق الامر عشرين يوما من المفاوضات الصعبة للتوصل الى اتفاق لوقف الاعمال العدوانية فقط. واعلنت الهيئة الحكومية لتنمية شرق افريقيا (ايغاد) التي تتوسط في النزاع الاحد ان "الجولة الثانية من المفاوضات بين طرفي جنوب السودان تتمحور حول الحوار السياسي والمصالحة الوطنية". ولم يتم اعلان اي جدول اعمال او برنامج زمني للمفاوضات. واعلنت ايغاد انها "تشاورت" مع الطرفين من اجل "وضع اطار وهيكلية وتنظيم" هذه الجولة الثانية من المحادثات، لكن بدون توضيح ما اذا تم التوصل الى اتفاق حول اطار هذه المحادثات. وكانت الجولة الاولى من المفاوضات تعثرت لفترة طويلة حول تسمية الطرفين، حيث كل منهما اراد اسم "الجيش الشعبي لتحرير السودان" اسم التمرد الجنوبي الذي قاتل الخرطوم خلال الحرب الاهلية الطويلة (1983-2005) التي ادت الى تقسيم السودان واصبح الجيش الوطني عند استقلال جنوب السودان في تموز/يوليو 2011. وقال يوهانس موسى بوك الناطق باسم وفد مشار لوكالة فرانس برس انه خلال هذه الجولة الجديدة سيتم التطرق الى المسائل المتعلقة بقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان، الحزب الحاكم الذي يتنافس فيه كل من مشار وكير منذ اشهر طويلة، ثم تلك المتعلقة بمؤسسات البلاد. واضاف ان معسكر مشار سيطالب باستبدال الرئيس كير "بشخصية مستقلة" بحلول الانتخابات العامة المرتقبة في 2015 وهو مطلب غير مقبل بوضوح لدى السلطات في جنوب السودان. وقال "لسنا متفائلين لاننا نعلم ان الحكومة ليست جدية بخصوص المحادثات. انها فقط تحت الضغط الدولي من اجل اجراء محادثات" متهما السلطات في جنوب السودان "بعدم احترام التزامها" بالافراج عن شخصيات من معسكر مشار لا يزالون معتقلين في جوبا. وتم اعتقال 11 شخصية سياسية اعتبرت مؤيدة لرياك مشار حين اندلعت اولى المعارك في جوبا في 15 كانون الاول/ديسمبر بين فصائل متنافسة من الجيش الشعبي لتحرير السودان ثم امتدت الى بقية انحاء البلاد. وتم الافراج عن سبع شخصيات منها في 30 يناير بموجب اتفاق ملحق باتفاق وقف اطلاق النار الذي نص بعبارات غامضة على العمل من اجل الافراج عن المعتقلين. وقالت ايغاد ان الشخصيات السبع التي افرج عنها ستشارك في المحادثات بموجب هذا الاتفاق. ومصير المسؤولين الاربعة الاخرين الذين لا يزالون قيد الاعتقال سيبحث في اديس ابابا. واعلنت جوبا انها تريد محاكمتهم مع نائب الرئيس السابق وشخصية سياسة اخرى، وهما متواريان عن الانظار، ما يمكن ان يؤدي الى نسف المحادثات. ودعت واشنطن مساء السبت الى الافراج عن هؤلاء الاربعة بهدف "خفض حدة التوتر وتعزيز الثقة في عملية المصالحة". ويمكن التطرق ايضا الى موضوع وجود الجيش الاوغندي الى جانب القوات الموالية للرئيس كير في حين ان اوغندا عضو بارز في ايغاد. وقد دعت الولاياتالمتحدة ايضا الى "انسحاب تدريجي للقوات الاجنبية" وحذرت من "العواقب الخطيرة لاحتمال ان ياخذ النزاع مجددا بعدا اقليميا". ولا يزال الوضع العسكري في هذا البلد الشاسع، غير واضح مع تسجيل العديد من الانتهاكات لوقف اطلاق النار. وحتى الان وصلت مجموعة استطلاعية اولى من ايغاد تضم 14 شخصا منذ مطلع فبراير الى جوبا لدرس الانتشار المستقبلي لمراقبين مكلفين مراقبة وقف اطلاق النار. واوقع النزاع الاف القتلى منذ منتصف ديسمبر وادى الى تهجير 900 الف شخص من منازلهم. واضافة الى المعارك التي امتدت سريعا من جوبا الى مختلف انحاء البلاد، ارتكبت مجازر ذات طابع اتني بين قبيلتي الدينكا والنوير التي يتحدر منهما كل من كير ومشار على التوالي.