يقولون مرحلة التقاعد مرحلة الهموم وأنا من خلال لقاءاتي بالكثير ممن يعيشون مرحلة التقاعد وتعايشي لأوضاعهم أقسم بأن هذه المرحله هي مرحلة العطاء الصادق والخبرة الحقيقية والعمر الرزين والقول الحكيم والنظرة الثاقبة والرأي السديد والإحساس المتيقظ فالمتقاعد لاشك أنه إنسان عارك العلم والتعلم ونهل من سطور الإبداع والتميز وصعد القمم عتبة عتبة وصال وجال في فصول المدارس والجامعات ودوائرالوطن ووزاراته وقد لايزال يشعر بعد بلوغه التقاعد قادر على العطاء وبوفره.. والمتقاعدإنسان خاض غمار الصعوبات وكافح للرقي بهذا الوطن وللرقي بأبنائه وشارك القطاعات حضارتها وتطورها وسره أن يرى معالم الإبداع تزين بلاده وفي لحظات عمره المتعطش للشكر والثناء عاش وحيدا يبحث عمن يسليه ويرفه عنه ويستمع لأنينه وشكواه ومطاردا لحقوقه ومتوسلا للرحمة من ذا وذاك بعد الله.. تخيل راتبه ينقص والمستشفيات تماطل بعلاجه وجمعيات التقاعد لا تخصص مراكزلإستيعاب أوقات إستجمامه وأبناءه وبناته قد غرقوا بويلات الدنيا وأمسى المتقاعد في بيته يتصارع مع زوجته يفجر غضبه وتذمره في وجهها ناقم لأفعالها وناقد لتصرفاتها بالرغم من أنه ما كان يرى السوء منها فيما سبق لكن الفراغ قاتل ويصنع من لاشيء شيء!! يا وطنى لماذا ينقص من راتب المتقاعد وهو في حال أحوج منه من ذي قبل ولماذا لا يخصص للمتقاعدين مراكز تجمعهم مع ممن هم في أحوالهم وقريبون لهم من أسنانهم بدلا من استئجار الإستراحات التي هي في كل مرة بمكان غير الذي كانت فيه من قبل إنهم بحاجة للأمن والأمان والحنان والرعاية والتأمين الطبي والمنزل الحصين والشكر على حسن صنيعهم لا أن يتركوا للرياح تتهاوى بهم حيثما هامت وتسحقهم النوائب بلا معين وتنهشهم الوحدة والقهر والذل والمهانة وكأنهم ما أفنوا العمر وأزهاره في عمار الوطن..