تتم التربية الحقيقية لابناء البادية عن طريق المشاهدة والمجالسة. وقد اعتز ابناء البادية منذ القدم بشهامتهم وحفظهم للأمانة والولاء والعهد مهما كانت الظروف. ويعرف ابناء البادية وغيرهم الشخص الذي تكتمل فيه هذه المواصفات بالإضافة للتمسك بالدين والشجاعة بكامل الشارات أي احتوى جميع المراجل وغالباً ما يدعو كبار السن ابناءهم من خلال التعامل مع الآخرين بأهمية التعامل بالمروءة والشهامة حتى مع الأعداء وكل هذا تحكمه عادات وتقاليد متعارف عليها يقول الشاعر محمد بن منديل الفهيد يصف وفاءه لجاره وحرصه على محارمه: جاراتنا يازيد مثل أمهاتنا والأجواد ما تجعل ذراها وقودها ولا رافع طرفي لشق بثوبها ولا يعجبن يازيد حمرة خدودها ترى الشيمة العليا بنا ما تغيرت مواريث جدود مرثتها جدودها ولم تتوقف الشهامة عند هذا الحد، بل تتعداه لأمور كثيرة من الفزعة للجار والدخيل والمحتاج، وهذه الأمور حث عليها الدين الإسلامي مما يؤكد صلاحيتها للمجتمع في مجال الترابط والتواصل يقول عبدالرحمن النداوي: الباب خله يا سليمان مفتوح وخل المسير لا بغانا لقانا اليا جاك من ليعات الايام مجروح خلك على العاني وسيع البطانا وهذه دعوة أخرى الى التواصل في الكرم والصبر على الضيف، ولكن بصورة أخرى يقول سعود العواد: ترى الدلال له حقوق وقوانين ومن حطهن يصبر على طق بابه ويتواصل عطاء الإنسان العربي نحو الشيم والخصال الحميدة، ولو كان ذلك في أسوأ الظروف ولو كان ذلك مع الأعداء. وقد وصلت هذه الشيم الى الاهتمام بها في أدق التفاصيل الحياتية، ومن ذلك الصبر على الخوي في السفر، يقول سليمان بن عويس: خوينا لو ثقيل علينا لإعاقه الله ما نعافه ونجفاه يروح معنا ويتعصا حينا وان عجزت أقدامه عن المشي شلناه ما ينقطع حبل الوفا من إيدينا نروف به ما كنا الاحدا دناياه طبع بنا من ماضيات السنينا خوينا نمشي على كل ما ارضاه ويقول مسلم البحيري على نفس المنوال: نجود بما تجود إيماننا للصاحب الغالي ونعزه بالمعزة اليا وطاه من الدهر ميله كما يقول محمد الضلعان عن الخوي واهميته خوينا ما نصلبه بالمصاليب ولا يشتكي منا دروب العزاري والمروءة كلمة شاملة لصفات حميدة وبها يرتفع مقام المتحلي بها بين جماعته أو من يتواجد بينهم يقول محمد السديري عن المروات: نشدت يا تركي عن اللي بهم جود وقالوا ضعون اهل المروات مدت اقفوا عن الدنيا هل الخيل والقود اللي فضايلهم على الناس بدت ومهما تغيرت الظروف والزمن يبقى صاحب الطيب على طبعه سواء في مجال الكرم او الفزعة والشهامة وتتعالى مروءته مهما كان الوقت قاسيا أم لينا عليه يقول محمد السديري: لا صار زود المال بيدين الانذال حنا من المعروف تندا يدينا نصبر على الشدات لو شيلنا مال ولو سال دم اكتوفنا ما شكينا الناس بالأيام راحل ونزال تفجعهم الايام وهم دالهينا ومما لاشك فيه ان الشعر الشعبي اعطى هذا المجال حقه من الذكر كيف لا والشاعر يعبر عما يراه من واقع في حياته: شعر يموت وصاحبه حي ما فنى وشعر يعيش بحد ما عاش صاحبه وهذه دعوة من نوع خاص للاهتمام بالجار والسؤال عنه وتفقد أحواله والوقوف معه في كافة الظروف. وقد اخذ الجار مكانة كبيرة في نفس الجار العربي حتى كاد يورثه يقول جارالله العبودي في دعوة صادقة نحو الجار الذي يشتكي من الجوع وجاره ممتلئ بيته بالخيرات: لعل من يشبع وجاره جايع يعطى من الوجع بالكبد وتكبر لجاته كما تحث الشهامة العربية الأصيلة على ضرورة اختيار الصديق ورفيق الطريق بشكل جيد في إطار من المحبة والألفة والتضحية: انادم اللي رفقته ترفع الراس وياقف معي دايم بوجه الخصيمي لاكبرت القالة والارياق يباس يظيم عدوانه ولا يستضيمي