ما الذي يجذبك إلى كتاب معروض على رف مكتبة بين مئات الكتب؟ هل تناديك صفحاته بلغة خفية لا يسمعها أحد سواك؟ هل تتأمل الكتب المصفوفة باحثاً بينها عن عنوان يشدك؟ هل تقلب الصفحات محاولاً أن تعرف شيئاً عن هذا الكتاب قبل أن تشتريه؟ هل تجذبك العناوين أم انك تتبع توصيات الآخرين ممن سبقوك وقرأوا هذا الكتاب أو ذاك؟ هل تشتري الكتاب وأنت مغمض عينيك وكأنه هدية مغلفة من مجهول لا تعرف ماهي تنتظر المفاجأة بين صفحاته؟ هل تقرأ الكتب لتتسلى أم لتتعلم أم لتجد موضوعاً تناقشه مع الآخرين أم لتستمتع بالكلمة وحروفها ومعانيها؟ هل تقتني الكتب لتقرأها أم لتتباهى بها أمام الآخرين، هل تهرب للكتب أم تهرب منها؟ وكيف تتعامل مع الكتاب؟ أيكما يستحوذ على الآخر؟ هناك كتب تقرأها لتتفادى رتابة الانتظار أو لتخفي وجهك فيها مبتعداً عن تطفلات الفضوليين في الطائرة أو في صالة انتظار وهناك كتب تسرق وقتك كله تجعلك توجد الوقت كي تحتضنها وتقرأها، وهناك كتب تسكنك أفكارها وتتوالد داخلك وتحفز عقلك وتجعله يعيش حالة انتشاء فكري، هناك كتب تنسى صفحاتها بمجرد أن تقلبها وهناك كتب تبقى في الذاكرة. ما أكثر الكتب التي قرأناها ونسينا حتى عناوينها ربما يكون العيب في الذاكرة أو لعل السبب صعوبة الكتاب أو لعدم مناسبته لقدراتنا الاستيعابية، لكن هذه الكتب تترك أثراً في العقل حتى لو كان وقتياً. وما أكثر الشخصيات الروائية التي تتلبسنا وربما تؤثر على شخصياتنا أو نتقمصها لفترة أو نستحضرها أحياناً. الكتب التي تمر علينا أنواع، كتب تختارنا وكتب نختارها كتب نتمناها وأخرى نحلم بها، كتب تمر علينا ولا ننتبه لها وأخرى تحفر آثارها داخل خلايا عقلنا. لكن ما الذي يجعلك تتذكر تفاصيل كتاب قرأته قبل عدة أعوام ولا تهتم بأن تتذكر جملة قرأتها في كتاب اقتنيته مؤخراً؟ هل هي الفكرة أم الأسلوب أم حالتك واستعدادك الفكري حين قرأت الكتاب الأول وحين قرأت الثاني؟ لا أعرف... لكن تبقى الكلمة عنصر جذب وتبقى اللغة المكتوبة والأفكار المطبوعة لغة إبداعية متفوقة في التأثير على المتلقي.