سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وكيل امارة مكة رعى مؤتمر «الحوار الحضاري والثقافي» في رابطة العالم الإسلامي الأميرعبدالمجيد يؤكد أن العمل الإنساني من خلال الحوار سيقضي على أسباب الصراع
نيابة عن صاحب السمو الملكي الاميرعبدالمجيد بن عبدالعزيز امير منطقة مكةالمكرمة رعى وكيل الامارة عبدالله بن داوود الفايز يوم امس مؤتمر مكةالمكرمة الخامس الذي تنظمه رابطة العالم الاسلامي بعنوان «الحوار الحضاري والثقافي أهدافه ومجالاته» وذلك بمقر الأمانة العامة لرابطة العالم الاسلامي بمكةالمكرمة. وقد بدأت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بالقرآن الكريم ثم القى مقرر المؤتمر الدكتور احمد بن نافع المورعي كلمة رحب فيها بوكيل امارة منطقة مكةالمكرمة وشكره على رعايته لافتتاح هذا المؤتمر نيابة عن صاحب السمو الملكي الامير عبدالمجيد بن عبدالعزيز امير منطقة مكةالمكرمة. وأوضح الدكتور المورعي ان هذا المؤتمر ومنذ أن هيأ له وأمر به الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه لازال وبحمد الله مستمرا في أداء رسالته لخدمة الإسلام والمسلمين ومناقشة كافة قضاياهم مشيرا الى ان هذا المؤتمر ينعقد تحت عنوان «الحوار الحضاري والثقافي أهدافه ومجالاته» مبينا ان الخيار البديل لصراع الحضارات الذي أثاره بعض مفكري الغرب هو أن تتفاعل الحضارات الانسانية مع بعضها بما يعود على الانسان والبشرية جمعاء بالخير والفائدة. واكد ان اللجوء الى الحوار بدلا من الصدام هو في حد ذاته تعبير عن نضج فكري ووعي حضاري وتصميم على البحث عن اقوم السبل لتجنب الخسائر ولتفادي المخاطر وللتغلب على المشكلات ولمعالجة الازمات او ادارتها بعقل متفتح وضمير حي ولإنقاذ العالم من الفوضى مشيرا الى ان من أهداف هذا المؤتمر دعم التفاهم والسلام بين المسلمين وغير المسلمين من ابناء الحضارات الاخرى والتصدي للجوانب السلبية للعولمة وابراز قيم العدل والتسامح والتعايش في الحضارة الإسلامية. وافاد الدكتور المورعي ان رابطة العالم الاسلامي دعت عددا من العلماء والمفكرين والاكاديميين المتخصصين في العلاقات الدولية والحوار والثقافات الانسانية للمشاركة في هذا المؤتمر حيث اعدوا بحوثا وأوراق عمل لمناقشتها من خلال محاور المؤتمر. عقب ذلك القى معالي الامين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي كلمة رحب فيها بالمشاركين في هذا المنتدى الفكري الذي يضم كوكبة من العلماء اجتمعوا في مهبط الوحي ومهوى أفئدة المسلمين لدراسة موضوع من أبرز التحديات التي تواجهها أمة الإسلام في عالم اليوم مشيرا الى ان الله قد خلق الإنسان وجعله محلاً لتكريمه وفضّله على كثير من خلقه بما أتاه من المواهب والنعم التي تعينه على أداء الواجب الذي أناطه الله به من القيام بعمارة الأرض. وأوضح ان التواصل بين الحضارات المختلفة إذا أريد له أن يكون مثمراً فلابد من اعتبار الدين العنصر الرئيسي في أسسه وقضاياه وإن أي تهميش له أو استبعاد يفضي بالحوار بعيدا عن مسالك الجدية والإيجابية. وأكد الدكتور التركي ان المسلمين اقاموا حضارتهم العظيمة التي جمعت في مكوناتها ما تحتاجه البشرية من رحمة وانفتاح وتسامح مع الآخرين على هدي من الله وبيان من رسوله وسمت بعيداً عن المثالب التي تلبست بها الحضارات الأخرى من ضيق بالآخر وعدم اعتراف به من جهة او الذوبان وفقدان الخصوصية امام الآخرين من جهة اخرى. وطالب الدكتور التركي بالحوار الايجابي مع الآخرين، بلاغاً لدين الله الذي يخطئ من يروم تبليغه بمجرد الإسماع دون الحوار والجدال مؤكداً ان الحوار ضروري درءاً للهجمة الظالمة التي يتعرض لها الاسلام في عالم جعلت منه التقنية ووسائل الإعلام الحديثة عالما أشبه بقرية صغيرة، إن تقاعسنا فيها عن القيام بواجبنا تجردنا من خصوصيتنا الحضارية وتحولنا الى هامش لحضارات الآخرين. وبين الدكتور التركي ان الله أمر بالحوار في كتابه وحدد المعالم التي ينبغي الوقوف عندها والتي تعترف أن اختلاف البشر في أديانهم واقع بمشيئة الله تعالى ومرتبط بحكمته وتوافقا مع هذه المشيئة الإلهية الكونية أخبر الله بأن الإنسان لا يكره في اختيار معتقده وواجب المرسلين وورثتهم من العلماء هو البلاغ عن الله فحسب وأما حساب المتنكبين سبيله وهديه فهو إلى الله العادل في خلقه واستنقاذاً لهذه الأنفس وصوناً لها من العذاب دعا الله رسوله والمؤمنين الى حسن الجدال ورفق الدعوة مع المخالفين وانتهاج الحوار وسيلة للإقناع والتأثير فكانت الحكمة والحوار بالحسنى سبيله. وأوضح ان المسلمين وفقا لهذا الهدي اسسوا حضارة كان أحد أهم سماتها الإيمان بالرسالات السابقة وكتبها المنزلة من الله، انطلاقا من الإيمان بوحدة الدين والمصدر والغاية وازدانت حضارتنا وتميزت بما حملته من مبادئ العدل والانصاف للآخرين والمسلمون اليوم مطالبون باستحضار ما لديهم من رصيد حضاري وتقديمه من جديد الى البشرية التي ما فتئت تتطلع شوقا الى تكرار هذا الأنموذج الحضاري الفريد. وقال إن العلماء مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى الى نشر ثقافة الحوار والتعارف مع الآخرين والتعاون معهم في تحقيق المصالح المشتركة لشعوب العالم، ونشر القيم والمبادئ الفاضلة ومحاربة الرذيلة والظلم، وغيرها مما يقلق العقلاء والحكماء. وأكد الأمين العام للرابطة ان الحوار بين الحضارات والثقافات افضل السبل لمواجهة تنامي الدعوات الشاذة الداعية لصراع الحضارات والمؤكدة على حتميته، الذي يدعو له عدد من الساسة والمفكرين في الشرق والغرب، ويرومون من خلاله فرض ثقافة العنف والاستئصال وتغييب صوت العقل فالحوار هو الخيار المناسب المستفاد من تجارب الأمس وآلام اليوم وتوقعات المستقبل، إنه واجب أخلاقي وشرط لازم للقضاء على هذه الدعوات التي تصدر عن الاستعلاء العرقي أو التطرف الديني اللذين يجعلان من الآخر عدواً للإنسانية متربصاِ وخطراً على الحضارات محدقاً. ووضع معاليه أسس الحوار المثمر بأن يتخلص من عقدة التفوق والوصاية على الآخرين التي تنبع من الاستعلاء والغرور المبني على مكتسبات التفوق المادي التي قادت العالم إلى حروب عالمية مدمرة في القرن الماضي وتدفعه إلى المزيد من الحروب الظالمة المستترة بلبوس الحرية والعولمة وحقوق الإنسان وبقاء هذه النزعة الاستعلائية كفيل بوأد أي حوار وتقويض فرص نجاحه لأنه لا يحفظ لأطراف الحوار حقهم بالتوازي مع الآخرين كما لا يحترم خصوصية الأمم وكينونتها. وأكد ان رابطة العالم الإسلامي لن تدخر وسعاً في أداء رسالتها في نشر حضارة الإسلام والتعريف بها كما هي جادة في دعم السلم والتعاون وإشاعة روح التسامح والتفاهم المتبادل بين شعوب العالم. وسأل المولى عز وجل ان يجزل المثوبة لولاة الأمر في المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وسمو نائبه وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني على الرعاية الكريمة والحفاوة المستمرة لمناسبات الرابطة وأعمالها وجهودها كما عبر عن شكره لسمو الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة مكةالمكرمة على رعايته مؤتمر مكة الخامس. بعد ذلك ألقيت كلمة الوفود ألقاها مفتي البوسنة وعضو المجلس التأسيسي الشيخ مصطفى ابراهيم سيريتش اكدوا فيها ان اختيار موضوع المؤتمر اختيار مناسب لظروف يعيشها العالم كله ومناسب لما تمر به أمتنا الإسلامية من ابتلاء وفتن بسبب عدم فهم الإسلام وغاياته الجليلة والاعراض عن أحكام الشريعة الإلهية التي انزلها الله لإسعاد البشرية مؤكداً ان الإسلام دين الوسطية والعدل والمساواة فكيف يتهم مثل هذا الدين بالتطرف وهو يعلم ابناءه مبدأ عظيماً وكيف يتهم بالتعصب ونبيه خاتم الأنبياء والرسل قال في مثل هذا المكان وفي مثل هذا الزمان «كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى» وكيف تتهم أمة بالإرهاب ودينها اسمه مشتق من الإسلام ويعلمها ان الله يدعو إلى دار السلام. ورفعوا تحياتهم لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ولسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله ولحكومة المملكة وشعبها مؤكدين موقفهم مع المملكة صفاً واحداً ومعلنين ولاءهم لأولي الأمر الذين نهضوا بأعباء ادارة شؤون المسلمين وبذلوا ما عندهم في سبيل أمن امتهم ورخائها وفي سبيل توفير الحماية والرعاية للحرمين الشريفين وتطوير كافة الخدمات لحجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم. وتبرأوا من الذين استحلوا الحرمات بتدمير الممتلكات العامة وسفك دماء الأبرياء ومن أفعالهم واستنكروها ودعوهم إلى ان يتوبوا إلى الله وان يثوبوا إلى رشدهم ويضعوا أيديهم في أيدي بناة هذا الصرح الرشيد وان لا يتبعوا خطوات الشيطان فيصبحوا معاول هدم وتخريب في أيدي من يتربصون بهذه الأمة الدوائر. بعد ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمة أكد فيها ان رابطة العالم الإسلامي تهتم بشؤون المسلمين وترعى قضايا الأمة وتكرس جهودها من خلال مؤتمراتها ولقاءاتها ووفودها ليبينوا لهم أهمية هذه الرابطة وما تحمله من خير للبشرية جمعاء. وقال سماحته ان الله سبحانه وتعالى الزم أهل الأرض طاعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم واتباعه وجعل مسمى الإسلام بعد مبعثه خاصة بمن اتبع شريعته وان دين الإسلام هو الدين الكامل في نظمه وتعاليمه ومبادئه جاء لإسعاد البشرية في الدنيا والآخرة وليأخذ بأيدي الجميع ليخرجهم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والهدى وان دين الإسلام هو دين العدل والتسامح والخير وان أهل الإسلام الذين حملوه هم أهل صدق وأمانة ووفاء فرضي الله عنهم ورضوا عنه. وقال سماحته لئن كان هناك اتهام للإسلام من قبل بعض الفئات التي تتهم الإسلام بالإرهاب تارة وبالتطرف وبانتقاص حقوق الإنسان وبهضم الحريات هذه الدعوات تصدر من قوم يعلمون كذب ما يقولون وباطل ما يقولون ويعلمون انهم بهذا ظالمون جائرون يعلمون ذلك في حقيقة أنفسهم ولكن العداء الكامن في نفوسهم حملهم على ذلك فالواجب علينا ان نعرض الإسلام بصورته الواضحة الجلية عرضاً حقيقياً خالياً من الافراط والتفريط ونعطي تصوراً عن حقيقة وحضارة وثقافة الإسلام يقوم بها رجال صادقون لديهم أفق واسع وصدر رحب للجدال والحوار بالحق على أساس ان ديننا هو الدين الكامل الذي اكمله الله وأتم به نعمته. وأكد سماحته ان واجب الرابطة ومسؤولياتها الكبيرة تحتم عليها ان تسعى جاهدة في نشر تعاليم الإسلام بين مثقفي العالم من خلال المنتديات ووسائل الإعلام المتخصصة ومن خلال الوفود لينشروا ويبينوا ويوضحوا حقيقة الإسلام لأن كثيراً من العالم قد لا يعلم الإسلام على حقيقته لأنه يسمع الدعوات المنفردة من الإسلام والمشوهة له والهاضمة له فيظن ذلك حقاً فلو بصر العالم بحقيقة هذا الدين ونشر لهم خلال حوار صادق يكون المتحدث فيه فاهماً للإسلام وتعاليمه عالماً بما يلزمه به الأعداء حتى يجيب عن تلك الشبه ويكشف تلك الأباطيل وبأن ذلك أمر مطلوب. بعد ذلك ألقيت كلمة سمو أمير منطقة مكةالمكرمة ألقاها نيابة عنه وكيل امارة منطقة مكةالمكرمة رحب فيها بالمشاركين في هذا المؤتمر الذي له دلالة كبيرة على ان الأمة الإسلامية أمة تحمل قيم التفاهم والاستعداد للتعايش مع الآخرين وترغب في الأمن والسلام لجميع بني الإنسان وترفض الظلم والعدوان من أي إنسان كان وضد أي إنسان كان. وقال كما ان هذا المؤتمر يدل على ان الامة الإسلامية امة مستقلة في فكرها وخصائصها ولها ثقافتها وتاريخها وحضارتها التي تعتز بالانتساب إليها وندعو الى التمسك بمقيم تلك الحضارة الرائدة مبينا انه لا يخفى ما للحوار من قيمة اذا كان جاداً وهادفاً وبناء وخصوصاً في ظل تطور العلاقات الإنسانية على مختلف المستويات حيث يصبح نافذة للتواصل مع الآخرين للتعريف بمبادئ الإسلام وبيان محاسنه وهو ضرورة إنسانية ملحة ووسيلة الى الوصول الى تحقيق اكبر قدر ممكن من التفاهم والتعايش المشترك بين دول العالم وشعوبه وحضارته. واضاف سموه ان المملكة العربية السعودية تؤكد ان الاتفاق عبر الحوار على العمل الإنساني من اجل تحقيق السلام للبشرية سيجلب الامن للجميع ويبعد المجتمع الإنساني عن الصدام ويقضي على اسباب الصراع بين الحضارات ويوحد الجهود لمعالجة المشكلات التي تعاني منها الإنسانية وفي مقدمتها مشكلة الارهاب وينبغي ان ندرك ان الحوار الذي ينشده العالم الإسلامي مع الاطراف التي تمثل حضارات مختلفة له اولويات ومتطلبات لابد من تحقيقها في داخل كيان الامة المسلمة لأن الاوضاع التي يعيشها المسلمون تحتاج إلى الكثير من الجهود مع التعاون والتنسيق حتى تتحسن وترتقي الى المستوى المطلوب. وبيّن سموه ان من اهم تلك الجهود اجراء حوار ذاتي داخلي بين ابناء الامة الواحدة من اجل تحقيق اكبر قدر ممكن من التفاهم والمقاربة بين الرؤى وبذلك يتم تجميع طاقتها حول أهداف موحدة وتفتح الابواب للتعاون في خدمة قضايا امتنا ويقضي على بذور الشقاق والتطرف الفكري والسلوكي وهذا انتهجته المملكة في سياستها حيث فتحت حواراً وطنياً واسع النطاق وتمت منه عدة جولات الى الآن اسفرت عن نتائج مبشرة. واكد سموه ان المملكة تتابع باهتمام مناشط رابطة العالم الإسلامي وما تقوم به من جهود لابراز الإسلام وسماحته ووسطيته واعتداله وبراءته من الغلو والارهاب الذي هو بضاعة الأشرار المفسدين في الأرض وان الأمل لم يزل معقوداً على الرابطة في بذل مزيد من جهود التنسيق والتعاون المثمر مع الهيئات والمؤسسات الإسلامية الأخرى لوضع اطار عام للعمل الإسلامي المشترك يبعده عن مواطن الشبهات ويرشد الشباب إلى المنهج القويم المعتدل الذي يكون فيه الخير لهم ولأمتهم وينقذهم من مخاطر الانزلاق وراء الافكار والدعوات المنحرفة. وفي ختام كلمته سأل الله ان يوفق الجميع لما فيه الخير لامتنا وديننا وان يجمع كلمة المسلمين على الهدى والتقوى. بعد ذلك بدأت فعاليات المؤتمر حيث عقدت الجلسة الاولى والتي كان عنوان محورها «الحوار الحضاري والثقافي في الإسلام» تحدث فيها كل من الدكتور احمد بن عبدالرحمن القاضي والدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري والأستاذ كمال بن اسماعيل الشريف.