(وعندما سألنا أبا محمد عن حارس المدرسة، وهل كان الطلبة يهربون من المدرسة، أكد أن المدرسة لم يكن لها حارس، وأن الطلاب لا يغادرون المدرسة الا بعد انتهاء الفترة) ما تقدم هو جزء من كتاب بعنوان (مدرسة الصقعبي الأهلية ببريدة ، من 1327 حتى 1357، سيرة ومسيرة) من تأليف الأستاذ صالح الصقعبي. توقفت عند كون المدرسة بلا حارس وشعرت أن هذا موضوع تربوي يستحق المناقشة. مدرسة بلا حارس تعني تدريب الانسان منذ الصغر على الرقابة الذاتية، كما تعني غرس الثقة التي تكبر مع الطالب وتنتقل معه الى اسرته ومجتمعه الكبير. مدرسة بلا حارس تعني أن الطالب يحب المدرسة رغم أن بيئة المدرسة في ذلك الوقت كانت بيئة بسيطة في بيت طيني لكن العلاقات الانسانية بين المعلم والطالب، والأساليب التربوية كانت ذات تأثير ايجابي في العملية التعليمية. مدرسة بلا حارس تعني أن الطالب في المستقبل سوف يتعامل في بيته وفي عمله بمبدأ الثقة وليس بمبدأ الشك. مدرسة بلا حارس تعني أن المدرسة مكان للعلم والتربية، وجزء من المجتمع وليست كيانا منفصلا يحاط بالأسوار ويشعر الطالب بأنه مجبر على البقاء. مدرسة بلا حارس تعني أن المتخرج من هذه المدرسة سيكون ايجابيا في تفكيره وفي علاقاته بالآخرين، وسوف يحترم النظام، وسوف يعمل بحوافز ذاتية. المتخرج من هذه المدرسة اذا قدر له أن يشرف على موظفين سوف يوفر لهم بيئة عمل ايجابية أعمدتها الثقة، والتقدير، والوضوح، والعمل الجماعي، وتشجيع الابداع. سوف يركز على الانتاجية وليس على الحضور والغياب. سوف يجعل بيئة العمل جاذبة كما كانت بيئة المدرسة، سوف يفوض الصلاحيات لأن الثقة موجودة، لن يعتزل في مكتبه، لن يترفع، سوف يتيح المجال للمشاركة على كافة المستويات الادارية. سوف يعمل على تعزيز قيم الانتماء والاخلاص والتعاون. وعندما أقول (سوف، وسوف) فهي مجرد توقعات وعلمها عند الله، لكن المدرسة بلا حارس دفعتني بحماس للتفاؤل والتمني بأن نصل الى أن تكون المدرسة ليست بلا حارس فقط، ولكن بلا أسوار. وليس المقصود هنا الأسوار الاسمنتية وانما الأسوار الانسانية والاجتماعية والعلمية، لا نريد أن نرى المجتمع في واد، والمدرسة في واد آخر.