عند الشعور بتغيير في القلب.. والتصرف بطريقة غير معهودة.. وعندما يكون هناك احساس داخلي بالغضب والهيجان.. لمشاركة صاحب هذا القلب فيما هو حق له.. فإن هذا هو الشعور بالغيرة. فالغيرة تحدث.. عندما يعتقد الشخص ان علاقته القوية بشخص يهمه ويعنى بأمره.. مهددة من قبل طرف آخر. هذا لا يعني ان الغيرة خلق غير كريم.. فهي من الغرائز التي خلقها الله سبحانه وتعالى في بني آدم.. ولكنها غريزة لابد ان تكون مقننة لا يترك فيها الحبل على الغارب.. هناك صنفان من الغيرة.. احدهما محمود والآخر مذموم.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الغيرة ما يحب الله.. ومنها ما يبغض الله.. وإن من الخيلاء ما يحب الله.. ومنها ما يبغض الله.. فأما الغيرة التي يحبها الله، فالغيرة في الريبة.. وأما الغيرة التي يبغض الله، فالغيرة في غير الريبة.. وأما الخيلاء التي يحبها الله.. فاختيال الرجل في القتال.. واختياله عند الصدقة.. وأما الخيلاء التي يبغض الله.. فاختيال الرجل في البغي والفخر" ولو تتبعنا الغيرة الطبيعية المحمودة كما صنفت من قبل ومجراها الصحيح.. فإننا نجدها في الطفل الصغير عندما يرى والديه يهتمان بشأن طفل آخر.. وعندما يكبر تظهر في محيط العائلة مع إخوانه وأخواته.. وحوله مع جيرانه.. ينافس للحصول على المديح والثناء.. وفي المدرسة مع زملائه ينافس للحصول على اهتمام المعلمين.. وفي عمله يبذل قصارى جهده لنجاح مميز.. وفي زواجه يظهر هذا الشعور بشكل جميل يجعل علاقة الحب مع الطرف الآخر في دوام. أما اذا تنحت الغيرة منحى آخر.. غير صحيح.. وأصبحت مذمومة.. فإنها تصبح كالمرض الذي يحتاج الى علاج.. وعدم العلاج يؤدي الى تفاقم المرض.. ومن ثم الوفاة.. أثبتت دراسات كثيرة أن المرأة أكثر غيرة من الرجل.. لان معدلات الاخلاص.. والوفاء.. والتقمص العاطفي.. والطيبة أكثر من المعدلات الموجودة في الرجل.. لذلك.. فإنها تظهر بصورة جلية عندما يختل احد موازين هذه الأمور. ولكن.. يتمتع الرجال والنساء على حد سواء بالمحفزات التي تثير الغيرة، فكلاهما يشعر بها اذا انتابهم شعور بالخوف من فقد شيء أو شخص مهم ويعني لهم الكثير.. أمر مهم يجب معرفته.. أن هناك فرقاً بين الغيرة والشك.. فالكثير يظن ان الاثنين لهما نفس المعنى والتعريف. ربما يصل الغيور في تصرفاته الى مرحلة الشك.. ولكن من الضروري ان يقف عند حدود الغيرة.. ولا يتخطاها لكي لا يفقد فعلا الشخص الذي يغار عليه.. واخيراً.. لكي يسيطر الانسان على غيرته.. فهناك ادارة للغيرة.. نعم.. ادارة تدير الغيرة بشكل جيد يردها الى مسارها الصحيح اذا ذهبت بعيداً عن المسار. وأهم النقاط التي تساعد الانسان على إدارة غيرته هي.. التحلي بالصبر.. والنظر بحيادية تامة إلى النفس. سؤال النفس بصدق بعيداً عن أية مؤثرات إذا كان هناك تهديد واقعي يستدعي الشعور بالغيرة أو أنها مجرد ظنون. تمرين التغلب عل الغيرة وهو إدراك الميل إلى الغيرة قبل أن يمارس تصرفاتها وأفكارها ومشاعرها. خلاصة القول يا جماعة.. الغيرة تقوي المشاعر، وتجدد الحب، وتضفي على الحياة الخاصة حميمية.. فاذا كانت بجرعات صغيرة فإنها قوى إيجابية.. اما اذا بعدت عن المنطق فان الحكاية تختلف كلية.