يوم الرابع والعشرين من شهر أغسطس، موعد ننتظره كانتظارنا لضيف غالٍ من العام للعام، ذلك الضيف هو سهيل الذي هو دلالة على انتهاء حرارة «آب اللهاب». نجم سهيل نجم عملاق فردي منعزل من ألمع نجوم السماء الجنوبية، وثاني ألمع نجم بعد الشعرى اليمانية، يبدأ ظهوره قبيل شروق الشمس في آخر شهر أغسطس في الجزيرة العربية والمناطق العربية الأخرى، وتستمر رؤيته حتى أواخر شهر أبريل، حيث يختفي ويعود مرة أخرى في أغسطس، واستدل العرب به قديماً في البحار والصحاري، ويبعد النجم عن الأرض 13 سنة ضوئية، وظهور هذا النجم الجميل المسمى (نجم سهيل) دال على اعتدال الطقس وكسر حدة الحرارة، حيث تتحسن الأجواء ويبرد الماء مساء، ويطول الليل والظل، ويقصر النهار، ويصادف أحيانا أن تهب الرياح الشمالية الباردة، التي تخفف من رياح السموم على صحاري نجد .ومن مقاييس كبار السن قولهم: إذا قمت تصلي الفجر ولمست الماء ووجدت درجة برودته تختلف عن درجة برودته يوم أمس فاعرف أن سهيلاً ظهر. وللمعلومية فإن هذا النجم الجميل، لا يمكن مشاهدته في أي مكان يقع شمال دائرة العرض 73 شمالا، مثل كندا، وشمال الولاياتالمتحدة وتركيا وأوروبا وأقصى شمال العراق، لوقوعه في الجزء الجنوبي من خط الاستواء، ولحجب تحدب سطح الأرض رؤيته، وأشبهه بمن يجلس خلف تل مرتفع فهو يحجب ما وراءه من ظواهر بارزة. ومن الأمثلة الشعبية التي يتداولها سكان المنطقة الوسطى حول نجم سهيل قولهم: إذا طلع سهيل تلمس التمر بالليل، ويقصدون بذلك أنه إذا ظهر هذا النجم فيمكن أن تجني التمر بالليل، ولا تحتاج للإضاءة لكي تنتقي التمرة الناضجة من غيرها، أي أن اشتداد الحر قد انتهى، ولن ينضج أكثر من ذلك لأنه تلقى الحرارة الكافية لنضجه، ويخشى بعض المزارعين على تمورهم من التلف، في حال التأخر في جنيها وحفظها، لأن هناك مثلا آخر يقول: إذا طلع سهيل فلا تأمن السيل، ومعناه أنك لا تأمن السيل الفجائي، والمطر بالطبع سيتلف التمر المستوي، ويصادف أحياناً أن تمطر السماء في أواسط الجزيرة العربية وجنوبها بعد ظهور هذا النجم ويحدث جراء ذلك سيول جارفة للأراضي المنخفضة، ولأن الناس عادة يسكنون الأراضي المنخفضة طلبا لقرب الماء من سطحها، فإن إمكانية تضررهم ومحاصيلهم الزراعية من جراء هذه السيول سيصبح قوياً. ويلاحظ سكان المنطقة الوسطى أن الفترة التي تسبق ظهوره تشهد جدلاً بين كبار السن المهتمين بظهور هذا النجم، فيختلفون عادة بوقت تحديد ظهوره، منهم من يخطئ التقويم الذي نسير عليه، ومنهم من يتبع التقويم القطري، ومنهم من يتبع نظاما خاصا به، بسبب مراقبته لهذا النجم عشرات السنين خاصة أهل القرى والمزارع.