هل يمكن أن يفكر الناس في أن تكون اليابان بلاد الشعر والأدب بدلاً من أن تكون بلاد العلم والتقنية والابتكار والاختراعات المدهشة؟ لقد اكتشفتُ عندما كنت في اليابان قبل عدة سنوات أن الشعب الياباني، ليس شعباً يهتم بالتقنية فقط، بل هو شعب مبدع في جميع مجالات الحياة، سواء كان الإبداع علمياً، تقنياً، فنياً أم أدبياً. فالشعب الياباني يحب نظم الشعر، حتى إنهم يعدون الشعر جزءاً من تراثهم وتقاليدهم وحياتهم الوجدانية. وهناك صحف كثيرة تهتم بالشعر، وهناك أبواب ثابتة للقصائد الشعرية في بعض الصحف الكبيرة. ولعل من أشهر هذه الصحف صحيفة أساهي شيمبون (Asahi Shimbun) التي اعتادت أن تنشر قصيدة في صفحتها الأولى في كثير من المناسبات. وقد أحصت منظمة اليونسكو عدداً كبيراً من المجلات المختصة بالشعر، والتي تصدر دورياً في اليابان، بالإضافة إلى مئات المجموعات والدواوين الشعرية، وكذلك كتب الأدب ونقد الشعر. وتفيد تقارير منظمة اليونسكو بأن هناك ملايين الهواة الذين يكتبون الشعر، ولعل أهم انواعه انتشاراً ما يسمى ب (الهاي – كاي) (Hay – Kay) وهي قصائد قصيرة لا تزيد على ثلاثة أبيات من الشعر. وهكذا فإن اليابان بلاد الإبداع في شتى المجالات المختلفة، وكما ان الناس يطلقون على اليابان امبراطورية الشمس، فإنها تستحق أيضاً أن يطلق عليها امبراطورية الإبداع سواء أكان إبداعاً علمياً أم تقنياً أم حتى شعرياً..