يوجه القوميون اليابانيون المؤيدون لرئيس الوزراء، شينزو آبي، سهام النقد إلى هاياو ميازاكي، المخرج الذائع الصيت لأفلام الرسوم المتحركة مثل «جاري توتورو» و»سبيريتد أواي» و«قصر هاول المتحرك». ويغرد فيلمه الأخير، «كازي تاشينو» (هبوب الرياح وفق النسخة الإنكليزية)، خارج سرب القصص التي درج على تقديمها. فهو خرج من عالم السحر والخيال إلى عالم وثيق الصلة بالواقع. ويعرض «كازي تاشينو» سيرة متخيلة لهيرو هوريكوشي، مخترع محرك المقاتلة اليابانية في الحرب العالمية الثانية المسماة «ميتسوبيشي زيرو». ولطالما كان دور اليابان في الحرب الثانية مدار جدل ونقاش، لكنه صار موضوع خلاف منذ انتخاب آبي رئيساً للوزراء مطلع السنة. وسعى آبي إلى تغيير النظرة إلى دور بلاده في الحرب العالمية الثانية. فهو طعن في جواز القول بأن اليابان «غزت جيرانها»، وتراجع عن الاعتذار الرسمي الصادر في 1995 من «نساء الترويح»، أي المجندات إجبارياً للعمل مومسات في صفوف القوات اليابانية خلال الحرب. واليوم، يدعو آبي إلى تعديل الدستور الياباني لتخفيف القيود على حظر الهجوم العسكري، وإلى فرض «الاحترام» للرموز اليابانية في يابان القوية قبل الحرب. ولم يخفَ على ميازاكي أن فيلمه الأخير سيثير مشاعر متضاربة، لكنه يرحب بمثل هذا الأثر في وقت تهب رياح التغيير على النظام الاجتماعي الياباني وأساليب الحياة، كما قال في مقابلة نشرتها صحيفة «آساهي شيمبون». وليس في مقدور أفلام الرسوم المتحركة أن تبقى في عالم الخيال وبناته حين يسري دبيب التغيير في المجتمع. شركة ميازاكي للإنتاج المعروفة بستوديو جيبلي، أصدرت عدداً ترويجياً من مجلة «نيبو» يتناول «كازي تاشينو». ويروي ميازاكي في «نيبو» أنه شبّ في عهد هزيمة اليابان الذي رسم صورته عن بلده. «فلو ولدتُ قبل ذلك بسنوات قليلة، لكنت مجنداً مقاتلاً»، كتب في المجلة. لكنه نشأ في أسرة ترك فيها والده العمل في تصنيع قطع طائرات خلال الحرب الثانية إلى افتتاح نادٍ للجاز يستقبل الجنود الأميركيين ويقدم لهم الطعام في مرحلة الاحتلال التي تلت الحرب. وميازاكي كان في منأى عن «هيستيريا» أعوام الحرب، شعر في طفولته بأن اليابانيين خاضوا حرباً «غبية». لذا، يعارض تعديل دستور بلاده، وآراؤه أشعلت فتيل حملة القوميين اليابانيين عليه، عبر الشبكة الإلكترونية. فهو «أبله مسن»، و»معادٍ لليابان». ودعا هؤلاء إلى حظر الفيلم ومنع عرضه، لكن الحملة لم تحل دون تصدّره لائحة الأفلام المعروضة في الصالات. ويبدو أنه سيكون أنجح فيلم ياباني هذه السنة. * كاتبة، عن «فورين بوليسي» الأميركية، 23/7/2013، إعداد منال نحاس