ظل الستيني ديفيد ديلا كروز مطلوباً للعدالة لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن للاشتباه في قيامه بارتكاب جريمة قتل؛ بيد أنه تمكن من الإفلات من يد العدالة برغم أنه لم يغير من شكله ومظهره أو ينتحل هوية شخص آخر. فقد أدى خطأ في سجلات الشرطة إلى أن يبقى ديلا كروز، وهو حالياً في الحادية والستين من العمر، حراً وطليقاً لحوالي ثلاثين عاماً بعد أن أقدم على إطلاق النار على جيمس هندريكس فأصابه في مقتل في صدره وأرداه قتيلاً في شهر أكتوبر من عام 1974م، وكان ذلك في منطقة توليدو بولاية أوهيو. ومنذ ذلك الحين، ظل ديلا كروز متوارياً بدثار الظهور، وقد سبق وأن ألقت الشرطة عليه القبض ست مرات على الأقل نتيجة لارتكابه لمخالفات مرورية في ضواحي هاوستون، حيث كان يقطن؛ وكان في كل مرة يدلي للشرطة ببيانات صحيحة ويقدم لهم اسمه وعنوانه الفعليين؛ وكانوا يقومون بفحص تلك البيانات من واقع السجلات وحدات تخزين البيانات الوطنية الخاصة بالآبقين والهاربين من العدالة، بيد أن اسمه لا يظهر بتاتاً مما يؤدي إلى إخلاء سبيله من قبل الشرطة. وفي إحدى المرات، أمضى ليلة كاملة في السجن عام 1989م لعدم تمكنه من سداد غرامة لمخالفة مرورية وفي صبيحة اليوم التالي تم إطلاق سراحه. ولسبب غير معروف لم يقم أفراد الشرطة في منطقة توليدو إطلاقاً بإدراج اسم ديلا كروز في قاعدة بيانات مكتب التحقيقات الفدرالي الخاصة بالهاربين من العدالة. وفي غضون ذلك، استفاد ديلا كروز من الفرصة الثانية التي أتيحت له مجدداً فبدأ مشواراً جديداً من حياته برغم أنه أمضى فترة من الوقت من قبل في سجون تكساس إثر القبض عليه في جرائم سطو وسلب ونهب. وبعد إطلاق النار على هندريكس، هجر ديلا كروز زوجته الثانية وابنه الصغير وتركهما في متشجان ثم انتقل إلى تكساس، حيث وقع في حب إيزافيل ليديسما من أول نظرة وانتقل للعيش معها ومع أطفالها الستة. ووصف تلك الفترة قائلاً: «توقفت عن شرب الخمر وأقلعت عن التدخين ولم أعد أطلق السباب والشتائم بعد أن أصبحت رب أسرة». وقد عمل نجاراً في مركز جونسون الفضائي التابع لوكالة ناسا ثم مارس أعمالاً أخرى قبل أن يبدأ نشاطاً تجارياً خاصاً في مجال الإنشاءات. وفي وقت لاحق انتقل ديلا كروز إلى منتجع بالقرب من منطقة ليك ماكويني حيث عاش مع أسرته. ومن المفارقات أنه كان يقطن في شارع يسمى شارع المخبأ وهناك أبقى سره دفيناً طي الكتمان وهو سر يعود تاريخه إلى الثالث من شهر أكتوبر لعام 1974م. ووقتها كان ديلا كروز قد غادر منزله في ساغيناو بمدينة متشجان حيث كان يعيش مع زوجته الثانية وابنه الذي تعلم المشي للتو. وقد غادر ديلا كروز المنزل في محاولة منه لمساعدة أخ زوجته الذي حدثت له مشكلة مع هندريكس العامل في مجال أنابيب النفط والجندي السابق. وتقول المصادر إن ديلا كروز أخرج مسدسه وأطلق النار على هندريكس الذي خر صريعاً. وقال شاهد العيان جو بوكين: «كان الأمر وكأن هندريكس سبح في الهواء ثم ارتطم بالبلاط». وبعد أن نما إلى عالم الشرطة في توليدو أن ديلا كروز هرب إلى تكساس قام أفراد الشرطة بإبلاغ زملائهم في هاوستون كما أبلغوا شرطة الولاية بيد أنه لم يحدث أي شيء. وأخيراً تمكن مخبر بالشرطة السرية في توليدو من اقتفاء أثر ديلا كروز وإلقاء القبض عليه بعد يوم واحد فقط من الذكرى السنوية الثلاثين لإقدامه على اطلاق النار على هندريكس. وعندما وجه ديلا كروز بالتهمة أفاد بأنه لم يكن يدري أن هندريكس قد مات. وحالياً يقبع ديلا كروز خلف القضبان في أحد السجون بولاية أوهيو في انتظار المثول أمام المحكمة. وفي حالة إدانته سيمضي بقية حياته رهين الحبس في السجن. وبينما تقول شيري آن بار شقيقة القتيل هندريكس إنها تود أن ترى العدالة وهي تأخذ مجراها حتى وإن تأخرت لثلاثين عاماً، فإن أسرة ديلا كروز أصبحت مكلومة مهيضة الجناح حيث يصف أحد أفرادها ما حدث بأنه أشبه ما يكون بالكابوس الذي جثم على صدورهم. أما ديلا كروز نفسه فقد أعرب عن امتنانه للفترة التي أمضاها حراً طليقاً وعلق قائلاً: «إنني مقدر جداً لتلك الفترة وتلك الفرصة الثانية التي أتيحت لي».