قد تكون علاقة أمريكا مع إسرائيل أقرب إلى الزواج الكاثوليكي منها إلى السياسة فهي علاقة استمرت لأكثر من ستين عاما، ولم تتأثر بأحداث جسام بلغت حد التجسس على أمريكا وأعمال يمكن تصنيفها على أنها عدوانية من إسرائيل تجاه أمريكا. وتأتي بعد تلك العلاقة علاقة أمريكا باليابان وكوريا الجنوبية وتايوان من ناحية الرسوخ وذلك لأهمية تلك الدول الحليفة في الحد من المد الصيني والكوري الشمالي. أما البلاد العربية فعلاقتها بأمريكا علاقة متذبذبة وإن كانت الدول الخليجية الأقل تذبذبا بينها إلا أنها لم تسلم من التذبذب الحاد أحيانا. حيث إن تلك العلاقة تقيدها الرؤى الدينية أحيانا والعاطفية أحيانا أخرى والهلع غير المبرر والقيم القومية في بعض الأحيان. كما أن ضلوع سعوديين في أعمال إرهابية موجهة ضد أمريكا وحلفائها أوجد فجوة على مستوى القيادة والشعب الأمريكيين ظهرت من خلال مواقف وسائل الإعلام الأمريكية المعلنة. ولهذا فبرغم حرصنا على أن تكون علاقتنا علاقة مستدامة ومتنامية مع أمريكا، نفاجأ بأنها تخذل تطلعاتنا الإقليمية والدولية في أحيان كثيرة بدءاً بالقضية الفلسطينية وانتهاء بتداخل العلاقات الأمريكية - الإيرانية - العربية بشكل لم يحفل بمصالحنا ربما لأننا وضعنا كل بيضنا في سلة سياسية واحدة؛ فتخلي أمريكا عن سياسة الدعم غير المشروط للمعارضة السورية واستعدادها للحوار مع النظام السوري بعد أن كانت تهدد بضربه لخبط الأوراق السياسية الخليجية وجعلها تعيد حساباتها مجددا خشية أن تكون ضحية المصالح السياسية. يضاف إلى عدم ثقتنا في سياسة أمريكا تجاه قضايانا شبح استغناء أمريكا عن نفط الشرق الأوسط واحتمال أن تبدأ بتصدير البترول وهذا بلا شك سيخيم على العلاقات الخليجية - الأمريكية؛ لأنه سيتعدى البعد الاقتصادي إلى البعد السياسي، حيث يتوقع عندها أن تكون أمريكا على استعداد أكبر للتنازل للقوى الإقليمية عما نعتبره قضايا أمنية ومصيرية بالنسبة لنا. وهذا بدوره سيخلق فوضى جديدة في الشرق الأوسط تهيئ لأمريكا ولحليفاتها خلق تجمعات سياسية جديدة قادرة على التعايش مع الواقع الجديد وخلق قيم سياسية جديدة. ولعل مايحسب للسياسة الأمريكية هو قدرتها على التكيف مع المتغيرات على أرض الواقع، وهذا متوقع من دولة لديها خبراء ومستشارون في شؤون الشرق الأوسط ولديها مراكز متخصصة تخضع الظواهر السياسية والاجتماعية للبحث والتدقيق لكي تكون قراراتها السياسية مبنية على أسس علمية.