طوال السنوات الخمس الماضية التي وقف فيها الأمير فيصل بن تركي على رأس الهرم الإداري بنادي النصر رئيساً مكلفاً أولاً ثم رئيساً بالتزكية قلت في غير مناسبة: إن ثمة ثلاثة أمور رئيسة تعرقل عودة النصر لارتقاء منصات الذهب، ولخصتها في الآتي: أولاً: العمل الإداري القائم على الاجتهاد وفق أسلوب المحاولة والخطأ؛ والذي كان من نتائجه التعاقد خلال تلك المواسم مع لاعبين منتهي الصلاحية الفنية أضروا بالفريق أكثر مما نفعوه، وذلك نتيجة قرارات شخصية خاطئة، أو عبر استشارات سلبية. ثانياً: وجود أطراف خارج منظومة العمل الرسمي وتحديداً من قبل بعض الشرفيين سعت على الدوام لعرقلة مسيرة الأمير فيصل بن تركي وإدارته؛ إما بممارسات مباشرة أضرت بالنادي، أو غير مباشرة عبر تأليب الجماهير ضده لدفعه للاستقالة، ولا ننسى ذلك اليوم الذي رفعت في وجهه البطاقة الحمراء في المدرجات، وهي الأطراف التي انفجر في وجهها في الموسم الماضي في بيانه الشهير الذي اصطلح على تسميته إعلامياً ببيان " من أنتم؟". ثالثاً: تمسك الإدارة بخطاب إعلامي متشنج قائم على التصادم المباشر مع النصراوي المعارض، والتأزيم الدائم مع المخالف غير النصراوي، وهو الخطاب الذي قاده الرئيس بنفسه، وتفاعل معه من هم تحت إدارته، ما أوجد مناخاً غير صحي ألقى بظلاله على علاقة الإدارة مع الآخر النصراوي وغير النصراوي. في هذا الظرف كنت أحذر النصراويين دائماً من الركون لهذا الواقع المأزوم، ودعوتهم غير مرة صادقاً للخروج من خندق التصعيد الدائم، والتخلي عن رفع شعار المظلومية الزائفة، وتجنب الصراعات سواء كانت حقيقة أو مختلقة، وظللت أردد قول الشاعر: متى يبلغ البنيان يوماً تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم منذ منتصف الموسم الماضي وحتى هذا الموسم وهو الأخير في ولاية الأمير فيصل بن تركي ظهر النصر مختلفاً في كل شيء، ويبدو لي أن الإدارة قد قامت بمراجعة صادقة مع النفس، فجاءت التعاقدات الفنية غاية في الدقة وفي مستوى الحاجة، كما جففت أيضاً منابع الصراع، وأغلقت صنابير التأزيم، في الوقت الذي عالجت فيه خطابها الإعلامي من حالة التشنج الذي ظلت تنهكه، فكان أن ارتقى الفريق مرتقى جعله يحكم قبضته على الدوري حتى اللحظة بكل جدارة واستحقاق. هذه الحال المستجدة كانت تفرض على الإدارة التمسك أكثر بحبال التغيير الذي أخذ النصر إلى هذا التفوق؛ لكن يبدو أن صخب الصدارة وردود أفعالها سواء من أنصار النادي من إعلاميين وجماهير، أو من مناوئيه بمختلف شرائحهم جعل الإدارة تعود لتدوير الأسطوانة القديمة التي تصدح بالخطاب المأزوم فكان أن أنتجت البيان الأخير الغارق في مناكفة الآخر، والذي جاء متفاعلاً مع ما خلفته مباراة الفريق الأخيرة مع الشباب من تشنجات في الوسط الرياضي، في وقت كان يفترض فيه أن ينأى النادي بنفسه عن لعبة الصراعات الإعلامية والجماهيرية؛ خصوصاً وهو المنتصر الذي يسير واثق الخطوة في مشوار الصدارة. الآن باتت إدارة النصر على المحك، فإما أن تنساق خلف بعض الأصوات النشاز والتي تتصاعد أكثر في نشازها في الآونة الأخيرة، أو تعود لصوت العقل الذي ركنت له منذ بداية الموسم، وهي بذلك تضع نفسها بين خياري مواصلة السير في درب الإنجازات الذي أضاعه النادي طويلاً، أو العودة لطريق الإخفاقات الذي ما فارقه منذ عقد ويزيد!.