توقع خبراء الشؤون السياسية والاستراتيجية في باكستان بأن الغارات الجوية الأمريكية داخل الحدود الباكستانية ستتسبب في تعكير العلاقات بين باكستانالولاياتالمتحدةالأمريكية إلى حد كبير، خصوصاً وأن المنعطف الذي تمر منه العلاقات بين البلدين في الوقت الحالي لا تتحمل أي تجاوزات من الطرفين. ويرى الخبراء بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية قد بذلت جهوداً مضنية لإعادة العلاقات إلى مسارها السابق، وذلك بعد مرحلة صعبة من التوتر الذي خيم على علاقاتها مع باكستان ونجم عنه اتخاذ الحكومة الباكستانية قراراً بمنع قوات الناتو المتمركزة في أفغانستان باستخدام الأراضي الباكستاني لنقل التموين العسكري إلى أفغانستان العام الماضي والتي تم فتحها ما بعد عودة العلاقات إلى طبيعتها. من جانبهم علق المحللون السياسيون على الغارات التي شنتها الاستخبارات الأمريكية باستخدام طائرات الدرون التي تعمل بدون طيار في منطقة القبائل الباكستانية مؤخراً قائلين بأنها لا تخدم العلاقات بين باكستان وأمريكا، وأنها ستعمل على توسيع فجوة الخلافات بين الجانبين إلى حد غير مسبوق، خصوصاً وأن باكستان تعتبر الغارة الأمريكية التي قتل فيها زعيم حركة طالبان الباكستانية حكيم الله محسود بالإجراء المعارض لسياستها الداخلية لأنها تسببت في تقويض جهود المصالحة بين الحكومة وحركة طالبان الباكستانية، بينما تزامنت الغارة الأمريكية الأخيرة مع توقيت الزيارة الرسمية التي يقوم بها نواز شريف إلى أفغانستان للبحث عن سبل لتحسين الأوضاع الأمنية في منطقة جنوب آسيا، ومن الجانب الآخر فإن باكستان تمر من مرحلة انتقال السلطة على مستوى المؤسسة العسكرية. إضافة إلى ذلك فإن حكومة نواز شريف تواجه ضغوطاً داخلية بسبب الغارات الأمريكية، حيث قامت الحكومة الإقليمية بإقليم "خيبربختونخواه" بتنظيم مسيرات احتجاجية ضد الغارات وطالبت من الحكومة المركزية باتخاذ خطوات جادة لإيقاف الغارات الأمريكية، كما قام المتظاهرون بإغلاق الطرق أمام قوات الناتو التي تسلك المعابر والطرق الباكستانية لنقل التموين العسكري إلى أفغانستان. من جانبه أوضح الباحث الإعلامي الباكستاني محمد كليم بأنه ينبغي على الجانب الأمريكي أن يتمعن في سياسة الغارات الأمريكية في الظروف الحالية. الى ذلك صرح زعيم حزب "جمعية علماء الإسلام" الباكستاني فضل الرحمن بأنه وحتى وقت قريب كانت حركة طالبان والجماعات المتطرفة الأخرى تمثل رمز الخطر في المنطقة. إلا أنه وخلال السنوات الأخيرة بدأ التمركز الأمريكي في أفغانستان يحل مكان هذا الخطر. جاء ذلك في تعليقه على بقاء القواعد العسكرية الأمريكية في أفغانستان ما بعد الرحيل الغربي العسكري منها، حيث أوضح فضل الرحمن في مؤتمر صحفي عقده في مدينة "سكهر" بإقليم السند الباكستاني بأن التمركز الأمريكي في أفغانستان يمثل مصدر قلق لجميع الدول المحيطة بأفغانستان، مستدلاً بالتدخلات الأمريكية في شؤون باكستان الداخلية سواء بشن الغارات الجوية داخل أراضيها أو بالطرق الأخرى. ودعا فضل الرحمن كافة الجماعات السياسية الباكستانية بالتوحد ضد التدخل الأمريكي في باكستان.