الفشل الكلوي وتليّف الكبد من الأمراض الشائعة في شتى أنحاء العالم.. وهما من الأمراض الشائعة في منطقتنا. الحل الوحيد لهما إلى الآن هو زراعة الأعضاء. ولم يكن هناك إلا أحد أمرين لزراعة الأعضاء: إما أن يكون لدى المريض متبرع من أقاربه أو أن يبقى على قائمة الانتظار لسنوات لحين توفر العضو المناسب من متوفى. المشكلة أنه ليس من ضمانة للحصول على عضو حتى بعد سنوات كما أن كثيراً من مرضى تليف الكبد يُتوفون قبل توفر العضو. وفي تشريعاتنا الأولى لزراعة الأعضاء رفضنا رفضا باتا تبرع قريب الرضاعة لأنه ليس من ضمانة للتأكد من ذلك، وأنه قد يفتح بابا لمافيا زراعة الأعضاء. ولكن ومع ازدياد الحاجة، ومن قبيل الحرص على علاج المرضى استصدرت الجهات المعنية فتوى تجيز التبرع من حي غير قريب من المريض باشتراط أن يكون الدافع هو الاحتساب والرغبة في الأجر من الله. وأنشأت اللجان في المستشفيات للتأكد من عدم وجود استغلال للمتبرع أو بيع لأعضائه أو تعرضه للضغط والابتزاز. وللتصدي للجرائم المصاحبة للسماح بالمتبرع غير القريب للتبرع بعضو لمريض ليس من أقاربه. أما الجرائم المصاحبة والتي تنتشر في دول مجاورة وتعتبر وصمة عارٍ لها فنلخصها بالآتي: - استغلال حاجة الفقراء وشراء أعضائهم بثمن بخس مقابل مبالغ ضخمة للوسيط والجراح والمستشفى. - بيع أعضاء من مرضى مصابين بأمراضٍ مستعصية كالإيدز والسرطان واستغلال الثمن المدفوع لعلاج حالته المكلفة أصلا. الجدير بالذكر أنهم يتحايلون على التحاليل المخبرية باستخدام شخصين من نفس فصيلة الدم الأول يكون سليما وتعمل له الفحوصات ثم عند العملية يخضع المتبرع المصاب بالإيدز لعملية التبرع. - الابتزاز المالي أو الأخلاقي للمتبرع وتهديده بفضحه أو سجنه أو قتله إن لم يتبرع بعضو للمريض، وهناك "بلطجية" يدفع لهم لممارسة تلك الجرائم. - استغلال السلطة الوظيفية أو الوجاهة الاجتماعية للضغط على صغار الموظفين أو الفقراء للتبرع بأعضائهم خوفا أو طمعا. - سرقة الأعضاء من أصحابها دون علمهم. - هناك خلافات ومشاحنات قد تحدث بين المتبرع وأقارب المريض أو المريض نفسه بدوافع عدة أهمها الوعود المُخلفة. هل يمكن أن نستمر في قبول المتبرعين غير الأقارب ونتجنب تجارة الأعضاء والجرائم المصاحبة لها؟ نعم. أن يتقدم من يريدون التبرع إلى المركز السعودي لزراعة الأعضاء وتُجرى لهم التحليلات الكاملة وأن يُحتفظ بكامل التفاصيل في قاعدة بيانات وطنية يمكن من خلالها معرفة الشخص الأكثر مناسبة حسب التلاؤم بين المتبرع والمتلقي وحسب أولوية الحالة الطبية. وأن لايعرف المتبرع المريض الذي زُرع له العضو. أن يُتاح للمتبرع أن يشترط إن أراد أن يكون تبرعه مشروطا، فمثلا يمكن أن يشترط أن يكون العضو أو جزء منه لطفلٍ دون بالغ أو العكس. ماعدا ذلك ليس هناك مكان لتبرع حيّ غير قريب وإلا فسنكون مسرحا جديدا لتجارة الأعضاء وجرائمها التي تتفنن فيها مافيا زراعة الأعضاء. وستعتبر وصمة في جبين مستشفياتنا ووطنا ومثلباً تستغله جهات خارجية لتشويه صورة البلاد..