رغم المشكلات الأمنية والاقتصادية التي تعاني منها العديد من مكاتب تأجير السيارات، إلاّ أنها تنتشر بشكل واضح في العديد من مدن "المملكة"، ولعل من يشاهد هذا الكم الكبير من هذه المكاتب يعتقد أنها تحقق أرباحاً كبيرة، بيد أن الواقع يقول انها ليست جميعها على هذا النحو، فبعضها تحولت إلى شركات معروفة تم طرح أسهمها للاكتتاب في سوق الأسهم المحلية، وبعضها الآخر يحمل سجلات تجارية متنوعة النشاط ما بين مقاولات وعقار وسمسرة، ومع تنوع نشاطاتها وأساليب تعاملاتها في السوق إلاّ أن من أبرز المشكلات التي تعاني منها هي سرقة السيارات التي يتم استئجارها، ومن ثم بيعها على شكل قطع غيار بعد أن يتم تجزئتها إلى العديد من القطع. نحتاج إلى تكثيف الرقابة الأمنية ودراسة السلبيات ووضع الأنظمة التي تحمي الأطراف وفي جولة ميدانية ل"الرياض" على عدد من مكاتب تأجير السيارات لوحظ أنها تدار من قبل عدد من العمالة الوافدة، دون وجود يذكر لكوادر بشرية وطنية تعمل في هذا القطاع، وقد امتنع العديد من هذه العمالة عن الإدلاء بأيّ معلومة تذكر إلاّ بعد الرجوع إلى مُلاّك تلك المكاتب، الذين وافقوا على الحديث شريطة عدم الإشارة إلى أسماء أي منهم، معللين ذلك أن المعلومات التي سيتحدثون بها عن ما أسموه "مافيا سرقة السيارات" ستجعلهم تحت طائلة المساءلة الأمنية والقانونية. وبين هؤلاء أنه يتم تأجير العديد من السيارات بطريقة روتينية إلى عدد من الأشخاص وفق الشروط والضوابط المتبعة في هذا المجال، بيد أنهم يعودون بعد فترة وبيد الواحد منهم ورقة تفيد أنه تقدم ببلاغ إلى الجهات الأمنية عن سرقة السيارة التي كانت بحوزته، الأمر الذي يُخلي ساحته من المساءلة القانونية، مضيفين أن الجهات الأمنية تتولى بعد ذلك عمليات البحث والتحريّ، مشيرين إلى أن تلك الجهود ستذهب سُدى؛ نتيجة "تشليح" السيارة في مواقع معينة للإفادة من قطعها التي تُباع بعد ذلك إلى المستهلك. نظام "تم" وتشير المعلومات التي حصلت عليها "الرياض" من عدد من الأشخاص أن مواقع "التشليح" تتركز في مزراع مهجورة يصعب وصول الجهات الأمنية إليها، إذ أن عملية "تشليح" السيارة تبدأ بعد أن يتم استئجارها وتسجيل بيانات المستأجر في نظام "تم" الذي لا يحمي المؤجر إلاّ من تبعات المخالفات المرورية، حيث إنه من الممكن أن تُباع السيارة بعد ذلك بطريقة أو بأُخرى قبل أن يتقدم ببلاغ إلى الجهات الأمنية يفيد فيه أنه تمت سرقة السيارة، ومن ثم يأتي إلى مكتب التأجير بالبلاغ المكتوب ليُخلي مسؤوليته، وتفيد المعلومات أن الجهات الأمنية لن تتمكن من العثور على السيارة في أغلب الأحيان، إذ أن هناك سيارات لم يتم العثور عليها حتى الآن رغم مرور عدة سنوات على اختفائها. وهناك من يعمل على فك هيكل السيارة ولوحاتها فقط وتركيب هيكل آخر ولوحات أخرى لسيارات تالفة لم يتم إسقاطها من قبل المرور، حيث يتمكن هؤلاء من استخدام هذه السيارة والخروج بها إلى الشوارع والأماكن العامة دون خوف أو وجل، لكونها على هذه الهيئة تستخدم بطريقة نظامية. ربط الكتروني وتشكل بعض الفجوات والعوائق في الأنظمة المعمول بها لدى الجهات المعنية، إلى جانب عدم اكتشاف كثير من السرقات، وكذلك التلاعب الذي يحدث من قبل ضعاف النفوس، هاجساً كبيراً للعديد من مُلاك مكاتب تأجير السيارات، إذ ان السيارة المسروقة لن تعود مرةً أخرى، والدليل على ذلك أن معظم السيارات التي تم التبليغ عن سرقتها موجودة في حجز الشرطة أو المرور -بحسب العديد من ملاك هذه المكاتب-، ومع ذلك فإن مُلاكها لا يعلمون عن وجودها هناك؛ لعدم وجود ربط إلكتروني ما بين السيارات المسروقة والبلاغات التي تشير إلى سرقتها. وأكد أحد المستثمرين في هذا المجال على أنه رفع قضية على "إدارة مرور" في وقت سابق بعد أن تقدم ببلاغ عن سرقة إحدى السيارات التابعة له قبل حوالي ثلاث سنوات، مضيفاً أن الجهات الأمنية استلمت البلاغ دون أن يتم العثور على السيارة، مشيراً إلى أنه اكتشف بالصدفة وجود سيارته في مواقف حجز المرور، لافتاً إلى أنه كسب القضية بعد أن ألزم "ديوان المظالم" تلك الإدارة بدفع مبلغ (34) ألف ريال مقابل قيمة سيارته المسروقة. هاجس أمني وبخلاف سرقة السيارات وتشليحها وبيع قطعها، فإن هناك هاجساً أمنياً كبيراً ينتج عند استخدام بعض الأشخاص لوحات السيارات المستأجرة وتركيبها على سيارات أخرى مسروقة؛ لارتكاب بعض الجرائم، ومن هذا المنطلق فإن هناك من دعا إلى ضرورة تكثيف الرقابة الأمنية على هذا القطاع ودراسة المشكلات التي يتعرض لها ووضع الأنظمة والتشريعات التي تحكمه لحماية الوطن والمواطنين والمقيمين. وجود سيارات حديثة في التشليح يطرح أكثر من علامة استفهام ومما لاشك فيه أن نظام "تم" سهل كثيراً على مكاتب تأجير السيارات عملية اكتشاف الوثائق المزورة والأشخاص المطلوبين أمنياً، بيد أن هناك مكاتب لا تهتم بهذا النظام كثيراً، فتجد أن العلاقات الشخصية تلعب دوراً مهماً في عملية تأجير السيارة، إلى جانب أنه حينما تكون جميع معلومات المستأجر صحيحة، فإن هناك طرقاً وأساليب أخرى يستفيد منها المستأجر من السيارة بعد استئجارها، مثل إخفائها، أو السفر بها لإحدى الدول الخليجية وبيعها هناك، ومن ثم إبلاغ الجهات الأمنية في "المملكة" لإخلاء المسؤولية. حملة تصحيح ومن المشكلات التي يعاني منها العديد من ملاك مكاتب تأجير السيارات قضية "التستر" التي أصبح حلَّها يشكل عبئاً كبيراً على العديد من الجهات ذات العلاقة، إلى جانب عملية التلاعب بالأسعار، إذ توضع بشكل عشوائي من قبل كل مكتب على حده، وكذلك فإن العديد من "المعقبين" العاملين لدى مكاتب التأجير باتوا -بقدرة قادر- أصحاب مكاتب تأجير سيارات، حيث يستقدمون العمالة وينقلون كفالتهم بعد استخراج السجلات بأسمائهم أو بأسماء مؤسسات فردية، وبالتالي فهو إن تمكن من تحقيق مكاسب مالية واصل المسيرة، وإن خسر اختفى عن الأنظار. وأكد عدد من ملاك مكاتب تأجير السيارات على أن هؤلاء الدخلاء هم من يحرقون السيارات أو يبيعونها لمحال تشليح السيارات، قبل أن يبلغوا الجهات الأمنية عن اختفاء السيارات؛ لإنهاء الإجراءات والحصول على التعويض المناسب من شركات التأمين، لافتين إلى أن حملة التصحيح الحالية من شأنها إغلاق باب هذه المكاتب الوهمية. الزميل الغامدي يتحدث إلى عامل مسؤول عن مكتب تأجير «عدسة- عصام عبدالله» مكاتب وهمية والمشكلة الحقيقية أن مكاتب تأجير السيارات غير مصنفة في برامج "وزارة العمل" ولا تندرج في بيع السيارات بالتجزئة أو الجملة، كما أن أغلب السجلات الصادرة التي تعمل في السوق هي تحت مسمى مهنة "سمسرة" أو "عقار"، وهذا النشاط لا يتواكب مع طبيعة عمل تأجير السيارات، إلى جانب أن عملية التوطين "السعودة" لا يتم التأكد من مدى الالتزام بها، حيث انه لا يوجد من يعمل بشكل صريح في هذا المجال من أبناء الوطن، عدا تلك الأسماء التي يتم إقحامها على الأوراق الرسمية، وكذلك فإن معظم العمالة يعملون لدى شركات النظافة نهاراً، وفي المساء تجدهم يقودون السيارات ويعملون على تنظيفها وتجهيزها للزبون. وبعد أن شددت الحملات التفتيشية وطأتها على المخالفين بدأ العديد من هذه العمالة بالخروج من السوق؛ خوفاً من العقاب، ويتوقع العديد من ملاك مكاتب التأجير إغلاق (70%) من هذه المكاتب، إذ أن أغلب المكاتب وهمية وغير مصرح لها بالعمل بشكل نظامي في مجال التأجير، مشيرين إلى أنها تحمل سجلات مختصة في تجارة العقار أو قطاع المقاولات أو الخدمات التسويقية، لافتين إلى أن العديد من هذه العمالة تعمل بطريقة غير نظامية، ومن هذا المنطلق فإنه سينكشف المستور في حال تم تكثيف الحملات التفتيشية في الأيام المقبلة. مافيا خليجية وكشف العديد من ملاك مكاتب تأجير السيارات أن هناك ما اتفقوا على تسميته "مافيا سرقة السيارات"، مضيفين أنها تتواجد في إحدى الدول الخليجية المجاورة، مشيرين إلى أنها تشتري السيارات المسروقة من جميع دول الخليج وتُصدرها إلى "روسيا" على هيئة حديد "سكراب" و"قطع غيار"، موضحين أن ذلك من أهم الأسباب التي دعت العديد من مكاتب التأجير في "المنطقة الشرقية" إلى الامتناع عن تأجير سياراتهم على المغادرين لدول الخليج، إلاّ بوجود كفيل غارم، لافتين إلى أن العوائد المالية الكبيرة أغرت بعض مكاتب التأجير ودفعتهم إلى عدم الامتناع عن تأجير سياراتهم لهؤلاء حتى في حال عدم وجود كفيل غارم. ودعا عدد من ملاك مكاتب التأجير الجهات المعنية إلى اعتماد نظام يقضي بضرورة إلزام جميع المكاتب بتركيب أجهزة تتبع إلكترونية داخل السيارات المؤجرة؛ لمعرفة مواقعها في حال تعرّضت للسرقة، مشيرين إلى أن بعض المكاتب طبَّقت هذا النظام بالفعل رغم تكلفته العالية، بيد أن العديد من هذه المكاتب لا تزال تعمل بمنأى عن ذلك وبطريقة عشوائية بحتة. وتسببت المشكلات التي تواجه العديد من مكاتب تأجير السيارات فيما يتعلَّق بسرقة السيارات المؤجرة أو تشليحها إلى فرض "شركات التأمين" رسوما مالية كبيرة نظير التأمين، وذلك بنسبة (30%)، إلى جانب أن العديد من هذه الشركات اشترطت عدم دفع مبلغ التعويض للمكتب في حال تعرَّضت السيارة للسرقة، وأن يتم دفع المبلغ في حالة الحوادث فقط ووفق شروط معينة، ومنها ألاّ يكون الخلل في السيارة مقصوداً أو متعمداً.