اعتاد الناس في مدن وقرى المملكة مشاهدة السيارات الأمريكية والأوروبية منذ البدايات الأولى لدخول السيارة للمملكة، إلاّ أن بداية التسعينات الهجرية شهدت انتشاراً واسعاً للسيارات اليابانية، التي كانت آنذاك حديث عامة الناس، من ذوي الدخل المتوسط والدخل المحدود أيضاً. أول «الصدمات الحضارية» بدأت مع مواصفات أجهزة التكييف والتسجيل والمذياع وإغلاق الأبواب والشبابيك «أوتوماتيكياً» وعلى الرغم من أن هذه السيارات كانت حديثة العهد، وتفتقر إلى ثقة العميل الذي لم يكن يعرفها، إلاّ أن تنوعها ورخص أسعارها ساهم في رواج مبيعاتها، ومن ثم استطاعت السيارات اليابانية كسب ثقة العملاء، الذين راحوا يتسابقون على حجزها وشرائها من وكلائها وشركاتها المتعددة، كسيارات "مازدا"، "نيسان"، "تويوتا"، "إيسوزو"، "هوندا"، "سوبارو"، "سوزوكي" وغيرها من الشركات التي أصبحت الآن من كبريات الشركات العالمية في صناعة السيارات. أشهرها: كورونا، ماريكتو، كرسيدا، 180B، الددسن، 240L، مازدا، السنتيا، كراون، 280 سي رغبة الجمهور ساهمت قوة السيارات اليابانية ومتانتها -رغم صغر حجمها- على انتشارها، لا سيما بعد أن حظيت بالتجربة الكافية من قبل عامة الناس، ناهيك عن خدماتها وتوفر قطعها الأصلية ومقار وكلائها، الذين سعوا جاهدين إلى توفير حاجة السوق رغم الطلب المتزايد عليها، هذا بالإضافة إلى أن المواطن حينها بدأ مع منتصف التسعينات الهجرية يستشعر -فعلاً- عوائد زيادة أسعار النفط، خاصة مع بداية الثمانينيات الميلادية حيث زيادة الرواتب، وتوفر السيولة، وانتشار وتنوع فرص الاستثمار، وكان هذا التوجه نحو السيارات اليابانية قد رمى بظلاله على السيارات الأمريكية والأوروبية، التي انحسر-إلى حد ما- انتشارها بين العامة، لا سيما أبناء الطبقة الوسطى، حتى اصبحت سيارات ال"فولفو" وال"بيجو" وال"فيلكس واجن" نادرة الانتشار في شوارع مدن وقرى المملكة، ناهيك عن أن المنتج الياباني تميّز هو الآخر بتنوعه ومواكبته لرغبات جمهوره وعملائه، الذين طاروا فرحاً بسيارات ال"بيك أب" صغيرة الحجم، ما دعاهم إلى هجر ما يسميه أبناء الستينات ب"الهافات"، والتي يقصدون بها السيارات ذات الحوض والغمارة الواحدة التي كانت في معظمها من صناعة الشركات الأمريكية، وتكاد تنحصر آنذاك بين الدوج والفرت كما يسمونها. استعراض شبابي أمام سيارة الداتسون التي اشتهرت بين أبناء جيلهم تنافس ياباني لم يكن انتشار السيارات اليابانية مقصوراً على شركة أو وكالة دون غيرها، بل ما زالت ذاكرة شباب ذلك الزمان، تستعيد مجموعة من السيارات اليابانية، التي تميزت عن مثيلاتها، ووجدت قبولاً لدى الكثيرين من أبناء جيل ما قبل الأربعين عاماً، وخذ لذلك مثالاً في سيارة ال"ماريكتو" من شركة "تويوتا" التي يرى الكثيرون أنها كانت امتداداً لسيارة ال"كورونا" من الشركة نفسها، حيث لقيت هذه السيارة إقبالاً منقطع النظير منذ السبعينات الميلادية، بل وجد فيها ملاك سيارات الأجرة ضالتهم، حيث المقاعد المتصلة في الأمام والخلف يتيح لهم فرصة نقل أكبر عدد ممكن من الركاب. سيارة الداتسون تسير على طريق مدخل مدينة الباحة عام 1396ه وكانت سنة 1973م تمثل النقلة النوعية لهذه السيارة التي اختفت عن الأنظار عام 1978م لتحل محلها ال"كرسيدا" التي بلغت في الثمانينات الميلادية ذروة مجدها وراهنت على علو كعبها في سيارة ال"جي تي إكس" وال"قراندي" في منتصف وأواخر الثمانينات الميلادية. وفي الوقت الذي كانت ال"ماريكتو" سيدة جيل زمانها، كانت سيارة ال"داتسون 180B" من نيسان التي عُرفت بين شباب تلك المرحلة ب"القعية"، قد تزامنت شهرتها مع شهرة ال"ماريكتو"، وكانت تعرف باسم "بلوبيرد"، وعاشت مرحلة شبابها وربيع عمرها إلى عام 1978م ثم عادت لمسماها السابق، وانحسر تواجدها وغابت عن الأنظار مع نهاية السبعينيات الميلادية رغم أنها تعتبر من أقدم السيارات اليابانية، حيث نزلت إلى الأسواق مند أواخر الخمسينات الميلادية، مع سيارة ال"بك أب" الشهيرة والمعروفة لدى العامة ب"الددسن" من صنع نيسان، وكانت هذه السيارة "180B" قد لقيت قبولاً منقطع النظير من قبل الشباب عام 1976م لسبب زيادة قوة محركها وإضافة بعض المميزات "الشبابية" لهيكلها ومحركها ناهيك عن ضغط ال"فليورات" و"الانفراش" في الخط السريع، ما جعلها سيارة الشباب الأولى في تلك الفترة، حتى نزول سيارة ال"لوريل 240L" التي كانت ملء السمع والبصر في الثمانينيات الميلادية، بل إنها ظلت لعدة سنوات مليكة الحسن والدلال وسيدة الأناقة والجمال في عيون شباب القرن الهجري الجديد. شارع الوزير وسط الرياض عام 1397ه حيث كان وجهة استعراض السيارات كانت ال"180B" وكذلك ال"ماريكتو" في السبعينيات الميلادية في تنافس محتدم مع سيارات شركة ال"مازدا" من نوع (929)، وتميّزت سيارات ال"مازدا" بأنها متنوعة وشبابية وجذابة، واشتهرت بألوانها الزاهية وتقنياتها الشبابية، فمن سيارة الباب الواحد "سبور" إلى السيارة العائلية "بوكس"، ومنها إلى السيارة ذات الأربعة أبواب، ومن منتصف الثمانينيات انحسر انتشار ال"مازدا" أمام ال"نيسان" وال"تويوتا"، وغابت عن الأنظار إلى زمن التسعينيات، حيث ظهرت "السنتيا"، ثم غابت عن الأعين رغم استمرارها إلى ما بعد الألفية، حيث ظهرت سياراتها الحديثة التي يعاب عليها -رغم جودتها وقوتها- صغر حجمها وقلّة تنوعها. سيارة «ماريكتو» تحولت إلى «أجرة» وتظهر في سوق الديرة وسط الرياض عام 1400ه نقلات نوعية كانت صناعة السيارات في السبعينيات قد حققت تقدماً تقنياً بظهور التكييف الخاص بتبريد مقصورة الركاب، لا سيما وقد سبق ذلك أجهزة التسجيل والمذياع "الراديو"، ثم حدثت النقلة النوعية في أواخر السبعينيات، حيث أصبحت الأبواب والشبابيك تغلق "أوتوماتيكياً"، وكل هذا جعل من "الموديلات" القادمة والمتمثلة بعقد الثمانينيات تمثّل عصر الرفاهية والجودة بالنسبة لصنعة السيارة، حيث أظهر جيل الثمانييات سيارات ال"كارسيدا" بفئاتها آنفة الذكر، والتي انقطعت، بعد عام 1996م، وحلت محلها ال"كامري" وكانت ال"كراون" منفردة بجمالها وفخامتها، حيث كان لها قدم السبق في الثلاجة الداخلية ناهيك عن فئة ال"بك أب"، المتمثلة في ال"هايلكس" ذات الشعبية الجارفة وسيارات "الجيب" بمختلف فئاتها، في حين كانت شركة نيسان تزهو في سيارات ال"سيدان" المتمثلة ب"280 سي" التي عُرفت بين شباب تلك المرحلة ب"المسطرة" أو ال"هارتوب"، وبلغت ذروتها بين عامي 1980م إلى 1984م حيث تغيّر مسماها إلى "سيدرك" في حين كانت "ZX" تمثّل سيارة الشباب الرياضية، كما تمثل ال"لوريل" "240-L" طفرة السيارات الشبابية في الثمانينيات، خاصة مع انتشار ميزة الفتحة في أعلى سقف مقصورة السيارة وكانت ال"240-L" تباع آنذاك ب(24.000) ريال فقط. دوار شارع الستين مع الجامعة بحي الملز 1395ه ويذكر الأستاذ "عادل الفارس" -أحد أشهر هواة اقتناء السيارات القديمة- أن هذا النوع من سيارات "اللوريل" كان وما يزال يحظى بعشق وحنين قلوب الكثيرين ممن أدركوا مرحلة الثمانينيات، لا سيما أولئك الذين مازالوا يبحثون عنها في القرى والهجر ويتتبعون بقايا أجيالها القديمة، وتحديداً موديلات ال(84 و86) في معظم أسواق المملكة والخليج، مشيراً إلى أنه استطاع العام الماضي أن يبيع واحدة منها بمبلغ (42.000) ريال، وهي الآن تسام على حد قوله بأكثر من ثمانين ألف ريال، رغم مرور أكثر من ثلاثين عاماً على تصنيعها. وكذلك فإن تجارة سيارات الثمانينيات الميلادية تشهد في كل من الأحساء والطائف ومكة المكرمة سوقاً نشطة، إلاّ أن مدينة القطيف تعتبر الأولى بلا منازع في تجارة سيارات الثمانينيات الميلادية، لا سيما ال"لوريل 240L» التي أدخلت في "موديلات" عام 1984- 1985م تقنية التنبه الصوتي، حيث يتحدث التسجيل الداخلي منبها أنه (باقي كمية قليلة من الوقود) وأن (فرامل اليد مسحوبة)، أو أن (الباب الأيمن مفتوح)، وكانت هذه الخدمة إحدى الصيحات الفارقة لجيل الثمانينيات، وقد انقطعت سيارات ال"لوريل" من نيسان مع حلول عام 1989م، حيث ظهرت ال"ألتيما"؛ لتنافس فئة ال"قراندي" من تويوتا مع الفارق الكبير بين شعبية سيارات ال"لوريل" عن ال"ألتيما" التي ما لبثت أن انقطعت إبان التسعينيات وعادت مع بداية الألفية. 240L الأكثر طلباً من شباب جيلها ولا تزال تحظى باهتمام هواة السيارات القديمة منافسة كورية شهدت التسعينيات الميلادية تنافساً من نوع آخر، حيث ظهرت سيارات ال"VIB" ذات الفخامة والأسعار الباهضة، والتي تنافست عليها شركتا "تويوتا" و"نيسان"، حيث ظهرت ال"لكزس" التي استقلت فيما بعد بوكالتها ومسماها، كما هي ال"إنفينتي" من نيسان، كما شهد هذا العقد الميلادي تنافساً محموماً بين الشركات المصنعة، لا سيما في تحقيق أكبر قدر ممكن من وسائل الأمن والسلامة، حيث الوسائد الهوائية وإطارات ال"تيوبلس" والتحكم بإغلاق وفتح السيارة عن بُعد، ناهيك عن تنبيهات الإنذار والخطر وموانع الانزلاق في الكوابح، وشاشات العرض والحساسات المنبهة. كرسيدا موديل 80م أخذت شهرة واسعة وانتشار كبير وكان التنافس في سيارات التسعينيات موزعة بين عدد من الشركات اليابانية إلى بداية الألفية، حيث بزغ نجم السيارات الكورية كمنافس جديد رغم أن شركة "هونداي" كانت متواجدة منذ بداية الثمانينيات، إلاّ أن منافستها وسباقها مع السيارات اليابانية بدأ منذ الألفية الجديدة حيث التنوع والتميّز الذي زاد من شعبيتها وزيادة الإقبال على سياراتها، كما هي شركة "كيا" التي بدأت الآن تسير وفق خطى شقيقتها الكورية. السيارات اليابانية منتشرة وسط ساحة الصفاة في الرياض عام 1397ه